تحركات داخل جبهة البوليساريو الانفصالية تنذر بانقلاب على الجزائر
إذا كان الصحراويون المغاربة الذين فرض عليه الاحتجاز قسرا في مخيمات تندوف لم يقووا على التعبير عن مواقفهم وآرائهم وتطلعاتهم، بسبب سطوة الجيش الجزائري الذي مارس عليهم كل أصناف الحجر والجهل والقمع في العقود السابقة، فإنهم اليوم وبفضل انتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة من هاتف محمول ولوح إلكتروني وحاسوب.. أصبحوا قادرين كل القدرة على البوح بما يجول في خاطرهم من أحلام ورغبات بالغة الأهمية، أقلها يقينهم الثابت بأن تقرير المصير الوحيد الذي لا يرون بديلا غيره هو الالتحاق بالوطن الأم – المملكة المغربية حيث المدنية والحياة الكريمة، أو التمكن من البقاء في تندوف حيث البؤس والفقر والتخلف، شريطة أن يتكفلوا أنفسهم ببناء دولتهم في جنوب الجزائر، لضمان الأمن والاستقرار والعيش الرغد.
لقد تيقن الانفصاليون المغاربة في المخيمات التندوفية أن النظام الجزائري باع لهم الوهم طيلة سبعا وأربعين سنة، وجردهم من كل مستلزمات الحياة البسيطة، على “أمل” أن يحصلوا في النهاية على “دولتهم” المستقلة في الصحراء المغربية المسترجعة. وهكذا أضحت أسطوانات النظام العسكري المشروخة من قبيل “حق تقرير المصير” و”تحرير الشعوب” و”آخر مستعمرة أفريقية”.. من ماض قد ولى.
إن محتجزي تندوف وصلوا من الوعي والنضج إلى درجة باتوا يطالبون فيها بأن تتوقف الجزائر عن التدخل في شؤونهم الخاصة، وأنهم على استعداد تام للحوار المباشر مع المملكة المغربية دون الوساطة الجزائرية التي بدت مع عديد السنين أداة معرقلة لأي حل سياسي متوافق عليه، وطي نهائي لهذا المشكل المفتعل. إن هؤلاء المحتجزين، وبعد أن تبين لهم أن الدولة الجزائرية لا تخصص ملايير الدولارات لاقتناء الأسلحة وشراء الذمم شرقا وغربا، حبا في سواد عيونهم بل رغبة في إضعاف المغرب وتقسيمه والوصول إلى المحيط الأطلسي ابتداء وانتهاء.
صحيح أن القيادة العسكرية الجزائرية لن تسمح باتساع رقعة هذا الوعي السياسي المتنامي في المخيمات، والنزعة التحررية للصحراويين المحتجزين، لكن هؤلاء لم يعد يملكون إلا النضال والمقاومة من أجل التخلص من التوتاليتارية العسكرية البائدة، خاصة وأن الأقاليم الصحراوية المغربية أضحت نموذجا ملموسا في النمو والاستقرار والرقي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
إن المقاومة ضد الغطرسة الجزائرية هي السبيل الوحيد لتقرير مصير محتجزي تندوف و الالتحاق بإخوانهم في المغرب، أو تشييد دولتهم جنوب الجزائر، خاصة وأن أصحاب القرار في قصر المرادية أشبعوهم كذبا وتنويما، وحرموهم من أساسيات الحياة البشرية، مما يعني من جملة ما يعني أن الجزائر مطالبة برفع يدها عن هؤلاء المعذبين في الأرض لبلورة اختياراتهم وقراراتهم بكل حرية واستقلالية بين أهليهم، فلا يحق لأي كان أن يكون وصيا بالحديد والنار على طرف آخر ويستعمله كحصان طروادة لتحقيق أغراضه الانتحارية، وتعريض حاضر ومستقبل أكثر من مائة مليون من الساكنة المغاربية إلى الضياع والاقتتال الداخلي الذي لا يبقي ولا يذر !