ذكرى تأسيس الأمن الوطني.. 67 سنة من التضحيات الجسام في سبيل أمن وإستقرار الوطن والمواطن
تحتفل أسرة الأمن الوطني، غدا الثلاثاء، بالذكرى ال67 لتأسيسها، وهي مناسبة للاحتفاء بمؤسسة وطنية أثبتت يقظتها ومهنيتها العالية، في الحفاظ على استقرار الوطن وضمان أمن المواطنين. وطيلة هذه السنوات بصمت المديرية العامة للأمن الوطني على منجزات كبيرة في مجال تحديث آليات اشتغالها، بما يكفل لها الحفاظ على أمن وسلامة وممتلكات المواطنات والمواطنين.
كما حققت المديرية العامة للأمن الوطني منجزات كبيرة في مجال تحديث الخدمات والبنيات الأمنية، والآليات المعتمدة لترسيخ الحكامة الجيدة في تدبير الموارد البشرية والمالية بالمرفق العام الشرطي.
إجماع وطني ودولي
منذ تأسيس الأمن الوطني في 16 ماي 1956، تمكنت هذه المؤسسة من دخول قلوب كل المغاربة، لتحظى مع مرور السنوات بتقدير واحترام الشركاء الدوليين في مجال التعاون الأمني مع المغرب. وطيلة هذه المدة أبانت مؤسسة الأمن الوطني عن نجاعة وفعالية في مواجهة التحديات الأمنية الكبرى، وحفظ النظام العام، وحماية أمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم.
وبالنظر إلى التضحيات الجسام التي ما فتئت مصالح المديرية العامة للأمن الوطني تقوم بها خدمة للموطن والمواطن، كشف “تقرير مؤشر الثقة″، الصادر عن “المعهد المغربي لتحليل السياسات”، عن تمتع الشرطة بأعلى مستوى من الثقة، حيث تبلغ نسبة الثقة في الشرطة 92 في المائة.
في مجال التصدي للخطر الإرهابي، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني بمختلف مصالحها، وأطقمها، يقظتها وعملها النوعي وضرباتها الاستباقية في محاربة المخططات الإرهابية، سواء من خلال تفكيك الخلايا الإرهابية، أو مواصلة التنسيق الأمني على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أفضت المعلومات الدقيقة التي وفرتها الأجهزة الأمنية المغربية إلى إحباط العديد من المخططات الإرهابية في العديد من الدول عبر العالم كالولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا وغيرها الكثير.
وبلغة الأرقام، أشار محمد الدخيسي مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، في حوار سابق مع مجلة “الأمن والحياة” التي تصدر عن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، بأن الأجهزة الأمنية المغربية تمكنت من إجهاض أكثر من 500 مشروع إرهابي استهدف المملكة، منذ سنة 2002 إلى الآن.
وأبرز ذات المسؤول الأمني، أن المقاربة الاستباقية في محاربة الإرهاب والتطرف التي اعتمدها المغرب مكنت في شقها الأمني من تفكيك 215 خلية إرهابية، قُدم على إثرها أكثر من 4304 موقوف أمام القضاء خلال نفس الفترة.
وتعزيزا لما صرح به الدخيسي، أكد خبراء أمنيون، أن قصة نجاح المغرب في وأد المخططات الإرهابية كان محط جذب واستقطاب لكبريات الدول الراغبة في الاستفادة من تجربة الجهاز الأمني في هذا الباب. وهو ما ترجمته اللقاءات الرسمية المتوالية التي أجراها السيد عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، مع عدد من المسؤولين الأمنيين الأجانب سواء داخل المغرب أو خارجه، لتمكينهم من خارطة طريق ناجحة لكسر شوكة الإرهاب.
الدبلوماسية الأمنية والعلاقة مع أوروبا
تكشف الشراكة الأمنية بين المغرب وبلدان الاتحاد الأوروبي، عن نجاعة المصالح الأمنية المغربية، في إطار التعاون الدولي الثنائي ومتعدد الأطراف، وقدرتها على تحييد الكثير من المخاطر الإرهابية التي هددت بلدان هذا الاتحاد ويقدم التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وحده نموذجا لأهمية المغرب بالنسبة لأمن أوروبا، يوضح الخبير الأمني إحسان الحافظي. ربما يعود ذلك إلى سنوات طويلة منذ انخراط المصالح المغربية في تدبير ملفات الإرهاب والجريمة المنظمة. فمساهمتها في التحقيقات التي تلت هجمات مدريد في مارس 2004 ساعدت على تحييد من تبقى من المجموعة التي نفذت الهجمات الإرهابية التي اختفت يومها بمنطقة «ليغانيس». كما جنب التعاون الأمني دولة مثل الدانمارك سنة 2009 وقوع عملية انتحارية كان يحضر لها «تنظيم القاعدة» على خلفية الرسوم المسيئة للرسول. وساهم تبادل المعلومات الاستخباراتية بين المغرب وإيطاليا في نونبر 2010 في إجهاض محاولة الاعتداء على بابا الفاتيكان في روما.
بعد هجمات باريس 2015 اعترف الفرنسيون أنفسهم بدور المصالح المغربية في إجهاض موجة جديدة من الهجمات الإرهابية في نفس اليوم بعد تحديد مكان العقل المدبر «عبد الحميد أباعوض». ومع ذلك أخفت المصالح الفرنسية حقيقة المعلومات التي قدمتها الأجهزة الأمنية المغربية لنظيرتها الفرنسية ليلة 3 أبريل 2021، وكانت سببا في إجهاض هجوم انتحاري على كنيسة فرنسية بمنطقة «بيزيير» بعد نجاح تنظيم «الدولة الإسلامية داعش» في استقطاب سيدة فرنسية للقيام بعملية انتحارية وسط قداس ديني. وحتى في الحرب الفرنسية ضد الإرهاب في الساحل كان للمصالح الاستخباراتية المغربية مساهمة عملياتية في تحييد قياديين اثنين، أحدهما ضمن «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» استهدفته القوات الفرنسية في أكتوبر 2019، والثاني ينتمي إلى تنظيم « الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى » تم تحييده في ماي 2019.
وزير الداخلية الألماني اعترف بدوره بعد هجمات برلين في 2016، أن مصالح بلاده لم تتعاطَ بالجدية اللازمة مع تحذيرات مغربية نبهت لوقوع عمليات إرهابية راح ضحيتها 19 شخصا، تأكد بعدها أن تقدير الاستخبارات المغربية حول نشاط مشتبه فيه يحمل الجنسية التونسية، له ارتباطات بداعش، كان تقديرا صحيحا لم تتفاعل معه مصالح الأمن الألماني. بعدها، وخلال زيارة للمدير العام للشرطة الاتحادية الألمانية إلى المغرب في يونيو 2022، بحثا عن تعزيز الشراكة الثنائية الأمنية، تحدث المسؤول الألماني عن هذه الواقعة وعن دقة المعلومات التي قدمتها المصالح الأمنية المغربية حول التهديدات المرتبطة بالخطر الإرهابي.
تعاون أمني دولي بحجم صدى جهاز الأمني المغربي لدى شركائه عام 2023
ازدحمت أجندة السيد عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، هذا العام باللقاءات الرسمية مع كبار أمنيي العالم، حيث حظي وليام بورنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية باستقبال من طرفه بالرباط. وكان برفقة ضيف حموشي ثلة من كبار مساعديه، فضلا عن السيد بونيت تاوار، السفير الأمريكي المعتمد بالمغرب.
وخلال ذات الشهر، استقبل حموشي، بمكتبه بالرباط، السيد توماس هالدنوانغ، رئيس المكتب الاتحادي الألماني لحماية الدستور (bfv)، والذي كان مرفوقا بوفد من كبار مساعديه بهذا الجهاز الاستخباراتي، بعدما استقبل أيضا يوم 10 يونيو 2022 المدير العام للشرطة الاتحادية بدولة ألمانيا، دييتر رومان.
كما استقبل حموشي أيضا خلال شهر فبراير 2023 بالعاصمة الرباط، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، كريستوفر راي، الذي أجرى زيارة عمل للمغرب على رأس وفد رفيع المستوى.
وكان المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي قد قام بزيارة عمل إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال يومي 13 و14 يونيو 2022، حيث عقد خلال هذه الزيارة جلسات عمل ومباحثات مع كل من أفريل هاينز مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية، ومع مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، تناولت مختلف التهديدات الأمنية والمخاطر المستجدة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
أما عربيا، فإن اختيار عبد اللطيف حموشي ضمن الشخصيات البارزة ضمن التشكيل الجديد للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية، هو تجسيد لثقة الأشقاء الخليجيين في المملكة المغربية وكفاءتها في المجال الأمني والاستخباراتي، بعدما راهنت العديد من الدول الغربية على الخبرة.