جلالة الملك يوجه خطابا إلى الأمة بمناسبة عيد العرش المجيد
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مساء اليوم السبت، خطابا إلى شعبه الوفي بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين.
وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي:
“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. شعبي العزيز، لقد أنعم الله تعالى على بلادنا بالتلاحم الدائم، والتجاوب التلقائي، بين العرش والشعب.
وهو ما مكن المغرب من إقامة دولة – أمة، تضرب جذورها في أعماق التاريخ.
وإننا نحمده تعالى على ما أنعم به علينا من عونه وتوفيقه؛ حيث تمكنا من تحقيق العديد من المنجزات، و من مواجهة الصعوبات والتحديات.
والمغاربة معروفون، والحمد لله، بخصال الصدق والتفاؤل، وبالتسامح والانفتاح، والاعتزاز بتقاليدهم العريقة، وبالهوية الوطنية الموحدة.
والمغاربة معروفون على الخصوص بالجدية والتفاني في العمل.
واليوم، وقد وصل مسارنا التنموي إلى درجة من التقدم والنضج، فإننا في حاجة إلى هذه الجدية، للارتقاء به إلى مرحلة جديدة، وفتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى، التي يستحقها المغاربة.
شعبي العزيز،
إن ما ندعو إليه، ليس شعارا فارغا، أو مجرد قيمة صورية. وإنما هو مفهوم متكامل، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية.
فكلما كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات، ورفع التحديات.
فالشباب المغربي، متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم، بإنجازات كبيرة، وغير مسبوقة، كتلك التي حققها المنتخب الوطني في كأس العالم.
فقد قدم أبناؤنا، بشهادة الجميع، وطنيا ودوليا، أجمل صور حب الوطن، والوحدة والتلاحم العائلي والشعبي، وأثاروا مشاعر الفخر والاعتزاز، لدينا ولدى كل مكونات الشعب المغربي.
وهي نفس الروح التي كانت وراء قرارنا، بتقديم ملف ترشيح مشترك، مع أصدقائنا في إسبانيا والبرتغال، لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، والتي نتطلع ونعمل على أن تكون تاريخية، على جميع المستويات.
إنه ترشيح غير مسبوق، يجمع بين قارتين وحضارتين، إفريقيا وأوروبا، ويوحد ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ويحمل طموحات وتطلعات شعوب المنطقة، للمزيد من التعاون والتواصل والتفاهم.
وتتجلى الجدية كذلك، في مجال الإبداع والابتكار، الذي يتميز به الشباب المغربي، في مختلف المجالات.
وأخص بالإشادة هنا، إنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي، وكذا تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين، قام بتطويرها شاب مغربي.
وهي مشاريع تؤكد النبوغ المغربي والثقة في طاقات وقدرات شبابنا، وتشجعه على المزيد من الاجتهاد والابتكار، وتعزز علامة “صنع في المغرب” وتقوي مكانة بلادنا كوجهة للاستثمار المنتج.
كما تتجسد الجدية عندما يتعلق الأمر بقضية وحدتنا الترابية.
فهذه الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية؛ وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي.
وبنفس الجدية والحزم، نؤكد موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؛ بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.
والجدية يجب أن تظل مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل جميع المجالات:
الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية: من خلال خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة.