“علم روسيا”.. أبرز ظاهرة في إنقلابات غرب إفريقيا
كلما حدث انقلاب عسكري في دول وسط وغرب إفريقيا في السنوات الأخيرة، خرج متظاهرون داعمون له يرفعون علم روسيا، كما حدث في مالي وبوركينا فاسو، وهو ما يتكرر الآن في النيجر، حيث الهتاف لموسكو والتنديد بباريس هو العامل المشترك بين المظاهرات في الدول الثلاث.
ويعرض مسؤول نيجري وباحث سياسي من تشاد، ما يريان أنها أسباب تاريخية وسياسية وراء هذا التوجه، ولآمال تعقدها شعوب هذه الدول على موسكو.
ودعمت موسكو، سواء بصفقات التسليح أو بإرسال مقاتلين من شركة “فاغنر” المسلحة الروسية الخاصة، عدة انقلابات في غرب إفريقيا، فيما ما زال مستقبل علاقتها بانقلاب النيجر تحوطه التكهنات.
والأربعاء، رفضت وزارة الخارجية الروسية، على لسان المتحدثة باسمها، ماريا زاخاروفا، تلويح بعض الدول باستخدام القوة ضد النيجر، قائلة إن هذا الأمر “لن يسهم في تسوية الصراع”.
وعن الحل الذي تراه، أضافت في إحاطة صحفية نقلتها وكالة “سبوتنيك الروسية”: “نعتقد أنه من الملح تنظيم حوار وطني لاستعادة السلم الأهلي وضمان سيادة القانون والنظام”.
وسبق أن أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، الأحد، في قمتها الطارئة فرض عقوبات على النيجر، ولم تستبعد استخدام القوة، مانحة قادة الانقلاب الذي وقع 26 يوليو أسبوعا لتسليم السلطة.
هتاف “تحيا روسيا.. تسقط فرنسا”
والأحد، خرج آلاف المتظاهرين في العاصمة النيجرية نيامي؛ استجابة لدعوة قادة الانقلاب، بتنظيم مظاهرة أمام مقر السفارة الفرنسية؛ رفضا لما أسموه “بتدخل باريس في شؤون البلاد الداخلية”.
وهاجم المتظاهرون مقر السفارة، وانتزعوا اللوحة التي تحمل عبارة “سفارة فرنسا في النيجر” وداسوا عليها، ووضعوا مكانها علمي النيجر وروسيا، كما هتف بعضهم: “تحيا روسيا“، و”فلتسقط فرنسا“، مطالبين بالتقارب مع موسكو على غرار جيرانهم في مالي وبوركينا فاسو.
مكافحة الضغوط
عضو لجنة الاتصال في الرئاسة النيجرية، سيدي حبيب الله، يرى أن قادة الانقلاب في حاجة للدعم السياسي من موسكو لمواجهة الضغوط الفرنسية والإقليمية التي تصر على إنهاء الانقلاب.
إلا أن حبيب الله، ينفي أن يكون الحاجة للتسليح من الأسباب التي قد تدفع قادة انقلاب لتوثيق العلاقات بموسكو، قائلا إنهم “ليسوا بحاجة لاستيراد أسلحة روسية؛ فهم لديهم من العتاد ما يكفى لمواجهة أي طرف يمكن أن يحاول فرض قوته عليهم”.
ضغوط الشارع
المحلل السياسي التشادي علي موسى علي، يُرجع التقارب بين دول في القارة وروسيا في السنوات الأخيرة إلى:
• ينشط في إفريقيا منذ فترة حراك سياسي معادٍ للغرب، وخاصة فرنسا، وبدأ يصل إلى مبتغاه تدريجيا ويتغلغل، خاصة بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي.
• يحمل الحراك كرها كبيرا لفرنسا كمستعمر سابق، ويحملها مسؤولية تخلف دولهم وأزماتها.
• يرى هذا الحراك في روسيا بديلا لفرنسا، وشريكا يمكن أن يعول عليه في علاقات ودية تحقق مصالح شعوب هذه الدول.
• المؤسسات العسكرية ذاتها باتت تتأثر بالخطاب الداعم لتوثيق العلاقات مع موسكو، خاصة وأنه ليس لها خلفية استعمارية في القارة.
• ردود فعل الدول الغربية الحادة، وتلويحها بفرض عقوبات ضد الانقلابيين يدفع بهم إلى الارتماء في حضن الشارع، وتبنى طرحه الجديد، وهو نفس ما حصل في مالي وبوركينا فاسو.
• رغم ذلك، فإن ما جرى في النيجر (الانقلاب) هو صراع بين رموز النظام الحاكم، ولا اعتقد، حتى الآن، أن لروسيا يد فيما حصل.
• الأسباب الداخلية يعززها أن رئيس المجلس العسكري (قائد الانقلاب)، الجنرال عبد الرحمن تشياني، هو من المقربين من الرئيس السابق محمد يوسوفو، فيما كان الرئيس بازوم يسعى لإبعاد هؤلاء؛ ما دفعهم للإطاحة به.
يُذكر أن يفغيني بريغوجين، قائد شركة “فاغنر” الروسية الخاصة، التي تتواجد عبر مقاتليها موسكو في عدة دول بإفريقيا، أيد في تسجيل منسوب إليه انقلاب النيجر، قائلا إنه “جزء من حرب الأمة ضد المستعمرين”، كما نقلت وكالة “فرانس برس”.