من هو الحاج إبراهيم المالي .. بارون المخدرات الذي أحدث زلزالا تحت أقدام سياسيين مغاربة
بشكل مفاجئ تركزت الأنظار على مدينة الدار البيضاء. هناك، وفي ليلة بيضاء مشهودة، سقطت رؤوس من العيار الثقيل، على رأسها سعيد الناصيري رئيس فريق الوداد البيضاوي وعبد النبي بعيوي، رئيس مجلس جهة الشرق. في قلب هذه القضية المثيرة، هناك رجل يدعى “المالي”، ولقبه الإعلام بـ”بابلو إسكوبار الصحراء”، لكن اسمه الحقيقي هو الحاج احمد بن براهيم.
في تفاصيل قصة الرجل، تقف الكثير من التفاصيل حول قضية سطو على ممتلكات بارون مخدرات يقبع في سجن الجديدة، بعدما تم توقيفه في مطار الدار البيضاء سنة 2019. فما قصة هذا الرجل الذي أسقط رؤوسا كبيرة حتى وإن كان خلف القضبان؟ كيف كانت بداياته وكيف تم السطو على ممتلكاته.
بدايات الحاج ابراهيم
كل شيء بدأ في عام 1976، في كيدال، عاصمة بلاد الطوارق، في مالي، حيث تسود الرياح والصحراء، والتي تمتد على مد البصر. في ذلك الوقت، كانت إدارة الأحوال المدنية في مهدها، لدرجة أن أوراق هويته حتى اليوم لا تذكر يوم أو شهر الميلاد.
ولد “المالي” من أم مغربية الأصل من مدينة وجدة وأب مالي الجنسية، ومن هنا جاء لقبه، وكان يعيش حياة بسيطة تقليدية يرعى الإبل، قبل أن تتغير حياته بلقاء غير متوقع صادف فيه رجلا فرنسيا تائها في الصحراء وقدم له المساعدة قبل أن يقدم له الفرنسي سيارته كنوع من الشكر على المساعدة.
المالي قام ببيع السيارة كما قال له الفرنسي وعوض ان يحتفظ بهذه الأموال أرسلها لصاحب السيارة، وأدرك الفرنسي آنذاك أنه أمام رجل ثقة ليقرر إشراك الـ”مالي” في استيراد وتصدير السيارات بين أوروبا وإفريقيا وهي العملية التي أكسبته خبرة كبيرة عن دوائر العبور والطرق والجمارك وما إلى ذلك.
انتقل المالي بعد ذلك إلى تجارة الذهب، ونسج شبكته تدريجياً في منطقة الساحل والصحراء، التي تُعتبر مركزًا للجريمة المنظمة، وهو ما مكنه من معرفة المنطقة بشكل جيد بما في ذلك قبائلها ولهجات المجتمعات في أزواد، ورسم الخرائط في منطقة الساحل والصحراء، وهي مهارات نادرة وثمينة.
ووفق صحيفة “جون أفريك” فإن المالي انتقل إلى مستوى أكبر، فبدأ ينقل الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى غرب إفريقيا، ثم يتم نقل كمية معينة من المخدرات، إما عن طريق البر، عبر مالي والنيجر، إلى الجزائر وليبيا ومصر؛ أو عن طريق البحر إلى الساحل المغربي ثم إلى أوروبا.
الحاج إبراهيم وزواجه في بوليفيا
أكثر من ذلك فإن “الحاج إبراهيم” أصبح متحكما في سلسلة الإنتاج والتجهيز والتوزيع، بعد نسجه لعلاقات مع جنرالات متورطين في السياسة والمخدرات بدولة بوليفيا، حتى إنه وقع في حب ابنة ضابط رفيع المستوى الذي وافق على تزويجها له في إطار تحالف بينهما.
ومن علامات الترف والحياة المخملية، أن الرجل دخل عالم النساء، بل إن الصحيفة ذهبت بعيدا حين ادعت بأن يكون له في كل دولة ابن، وأضافت أنه كان ينوي إغواء كاثرين دونوف وأنجلينا جولي ومغنية مغربية لم تذكرها الصحيفة بالاسم.
أكثر من ذلك، فالرجل يملك جزيرة خاصة في غينيا، وشققا في البرازيل وروسيا – فقدها منذ بداية الحرب في أوكرانيا – وأرضا في بوليفيا، وفيلا فخمة في الدار البيضاء، ويشترك في فندق فخم في ماربيا، والقائمة تطول، وفق الصحيفة ذاتها.
علاقات متشابكة.
في المغرب يحظى “المالي” بدعم كبير، وهو الذي كان السبب في خسارته. فمنذ عام 2010، تعاون مع منتخب بوجدة عاصمة الشرق، والعديد من القادة السياسيين من شمال المغرب وزاكورة لنقل الشيرا في بقية القارة.
وأوضحت الصحيفة أن عمليات نقل المخدرات تتم ثلاث أو أربع مرات في السنة من سواحل السعيدية إلى ليبيا ومصر، ومن الجديدة وبوجدور إلى الشواطئ الموريتانية. إذ يتم نقل 30 إلى 40 طنًا من الشيرا في كل مرة.
وأشارت إلى أن أعمال المالي كانت تسير على ما يرام: المغاربة يبيعون أسهمهم، ويستخدمها “المالي” لغسل أمواله، يشتري العديد من الشقق في مارينا السعيدية ويستثمر في العديد من الأعمال والمصانع ويقرض مبالغ جيدة لزملائه الجدد في اللعبة.
اعتقال “المالي” في 2015
في عام 2015 ، تم القبض على “المالي” – المستهدف بأمر من الانتربول – بعد مطاردة مع الدرك الموريتاني في الصحراء الموريتانية، على الحدود مع المغرب، في سيارة تحتوي على 3 أطنان من الكوكايين. ومبالغ مالية كبيرة باليورو ومعه مغربي وجندي سابق في البوليساريو. قبل أن يتم الإفراج عنه بفضل شبكته التي كانت تضم بعض الجنود والقضاة الموريتانيين.
لكن في اليوم الذي كان سيعبر فيه الحدود ويغادر موريتانيا، تم اعتقاله مرة أخرى من قبل قوات الدرك، ليقضي أربع سنوات فقط داخل السجون.