الأمن المغربي يخنق عصابات التهريب الدولي للمخدرات مع بداية سنة 2024
شهدت الأيام الأولى من السنة الجديدة ضبط وتوقيف العديد من شحنات المخدرات الموجهة للتصدير نحو الوجهتين الإفريقية والأوروبية، حيث بدا لافتا النشاط الكبير للسلطات الأمنية في هذا المجال، الذي يؤكد الجهود المغربية المستمرة في الحرب على المخدرات وشبكاتها الدولية النشطة في المنطقة.
حرب المغرب المفتوحة ضد شبكات تهريب المخدرات أسفرت في اليوم الأول من العام 2024 عن تنفيذ عملية مشتركة بين عناصر الأمن الوطني والجمارك العاملة بمعبر الكركرات الحدودي جنوب مدينة الداخلة، توجت بإحباط عملية للتهريب الدولي لشحنة كبيرة من المخدرات القوية، وحجز 362 كيلوغراما و950 غراما من مخدر الكوكايين كانت موجهة نحو المغرب انطلاقا من الخارج.
وبعد هذه العملية، جرى الإعلان عن عدد من الحالات، التي جرت في مناطق متفرقة من المملكة، تم فيها ضبط كميات مختلفة من المخدرات وتوقيف متورطين فيها، وذلك في إشارة إلى أن هذه الحرب متواصلة ومستمرة ضد الشبكات التي لا تدخر جهدا في استهداف المغرب ومحاولة جعله حلقة محورية في أنشطتها الإجرامية.
في تعليقه على الموضوع، قال محمد عصام العروصي، خبير استراتيجي، إن حملات اليقظة التي تقوم بها مصالح الأمن المغربية “دائما ما تكون ممنهجة، وليست مناسباتية، ومتابعة متواصلة لهذه الشبكات الإجرامية”.
وأضاف العروصي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجانب العملياتي الذي يطبع هذه العمليات “غير مرتبط بالجانب السياسي أو ظرفية سياسية أو توقيت معين للاتجار الدولي بالمخدرات الصلبة”، مستدركا بأن بعض حملات التطهير التي تقوم بها الأجهزة تأتي في “مرحلة حساسة جدا، خاصة في الظرفية الاقتصادية الحالية التي تتميز بالأنشطة غير الشرعية في مناطق تعيش على إيقاع التوترات”.
وتابع الخبير الاستراتيجي ذاته بأن جماعات الجريمة المنظمة تنشط بشكل كبير في هذه المرحلة، مبرزا أن موضوع الاتجار الدولي بالمخدرات وشبكات الجريمة المنظمة بالمنطقة ناتج عن تواجد “بارونات مخدرات لهم ارتباطات مهمة ووثيقة في هذه الظرفية الاقتصادية والأمنية، مستفيدين من الهشاشة الأمنية التي تعيشها بعض المناطق”.
وأوضح الخبير الاستراتيجي أن موقع المغرب، باعتباره صلة وصل بين إفريقيا وأوروبا والعالم، يجعله عرضة لاستهداف هذه الشبكات وتعزيز أنشطتها، مبينا أن المثلث الدولي للمخدرات يتشكل من “دول إفريقية، منها المغرب، ودول أمريكا اللاتينية، ودول آسيوية، كأفغانستان وباكستان، التي تعرف بزراعات الهروين والمخدرات الصلبة”، مشددا على أن هذه الدينامية تبين أن المغرب “مستهدف، على اعتبار أنه يمثل بوابة إفريقيا والعديد من البارونات يشتغلون في دول الساحل الإفريقي”.
من جهته، اعتبر الحسين أولودي، محلل استراتيجي المندوب العام للمنتدى الدولي للتعاون المغربي الإفريقي بالرباط، أن عمليات التهريب الدولي للممنوعات في الأقاليم الجنوبية للمملكة، “مرتبطة بملف الوحدة الترابية ومحاولات بعض الأطراف تصدير الأزمات إلى هذه المناطق وإغراقها بشتى أنواع المخدرات”، مبرزا أن هذا الاستهداف يروم تحقيق أهداف معينة مرتبطة أساسا بـ”محاولة خلق بلبلة في الأقاليم الجنوبية واستهداف السلم والأمن المجتمعيين في حواضرها الكبرى”.
وسجل أولودي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “أنشطة تهريب المخدرات في المنطقة لها ارتباط وثيق بالجماعات والتنظيمات الإرهابية في الساحل والصحراء”، مؤكدا أن هذا الأمر يشكل “خطرا كبيرا على دول المغرب الكبير”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول المقاربة المغربية لمواجهة كل هذه التهديدات، رد المتحدث ذاته بأن “المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني وضعت استراتيجية وطنية محكمة لمحاربة تهريب المخدرات بجميع أنواعها”، مبرزا أن هذه المقاربة “أعطت أكلها من خلال إحباط العديد من المخططات ومحاولات تهريب في العديد من المناطق والنقاط الحدودية التي تربط المغرب بدول أخرى، سواء البرية منها أو البحرية”، مشيرا إلى أن “الحصيلة التي تقدمها المؤسسات الأمنية المغربية بشكل سنوي في هذا الصدد تثبت انخراطها الجدي في وضع حد لهذه الظاهرة ومحاصرتها أمنيا”.
وزاد المحلل ذاته مبينا أن المغرب “حاول معالجة هذا المشكل في إطار من التعاون مع دول مختلفة، حيث وقع اتفاقيات تعاون أمني مع دول الجوار، خاصة البرتغال وإسبانيا”، لافتا إلى أن “فلسفة تشييد المغرب للجدار الرملي كان الأساس منها محاربة كل أشكال الأنشطة الإجرامية، بما فيها أنشطة تهريب المخدرات والاتجار بالمحروقات والبشر”.
وأبرز أولودي أن النموذج المغربي في التعاطي مع كل هذه الظواهر ومحاربتها بات “ملهما بالنسبة للعديد من الدول الإفريقية التي تسعى للاستفادة من التجربة التي راكمها المغرب في هذا الصدد، وباتت هذه الدول تطلب مساعدة الأجهزة المغربية لتطوير استراتيجيتها في محاربة أنشطة تهريب المخدرات وغيرها”، مشددا في الوقت ذاته على أن التجربة المغربية “آخذة في التطور مع تطور الوسائل اللوجستية التي تستعملها المؤسسات الأمنية المغربية، وبتطور الوسائل التي تستعملها هذه المافيات والشبكات العابرة للحدود”.
المصدر : هسبريس