زاوية الرأي

هل يجب التوقف عن التنفس من أجل غزة ؟

بالأمس، السبت 29 يونيو 2024، كانت العائلة الملكية المغربية في حداد على إثر المصاب الجلل في فقدان والدة الملك محمد السادس للا لطيفة، كما تقاسم وتشارك عامة المغاربة وبعض الأجانب هذا الحزن والألم.

طبعا الكل يعرف أن هذا المصاب تزامن وتنظيم مهرجانين موسيقيين كبيرين، الأول موازين بالعاصمة الرباط، والثاني كناوة بمدينة الصويرة، فكانت أولى ردود الأفعال الجماهيرية هي المطالبة بإلغاء ما تبقى من حفلات المهرجانين، بل هناك من توقع أن يعلن عن حداد رسمي وأن تلغى كل التظاهرات العامة الفنية والثقافية والرياضية.

صدرت بعض القرارات، على مستويات متدنية، وكتبت بعض الصحف أن كل المهرجانات والحفلات الفنية ألغيت بعد وفاة والدة العاهل المغربي، قبل أن نعلم أنها لم تلغى وأن الحياة العادية للشعب، بحفلاتها ومهرجاناتها الفنية والغنائية والرياضية، مستمرة، وأن لا حدادا رسميا أعلن عنه، بل هو فقط حداد عائلي داخل الأسرة الملكية، طبعا هذا عرف متجذر في الأسرة العلوية.

بالعودة للحداد فهو مجرد عرف و لا يوجد قانون ينظم الإعلان عنه بالمغرب وغير منصوص عليه في الدستور، ويبقى الحداد اختصاص ملكي خالص، حيت نادرا ما أعلن المغرب عن الحداد الرسمي، وآخر مرة أُعلن عنه كان 3 أيام على روح ضحايا زلزال الحوز، وأطول فترة حداد كانت هي 40 يوما حين وفاة الملك الحسن الثاني، بينما لا تتعدى في الغالب ثلاثة أيام بالنسبة للحداد على رؤساء الدول التي تربطها علاقة خاصة جدا مع المغرب مثل الإمارات والسعودية، حيث سبق أن أعلن المغرب الحداد ثلاثة أيام على وفاة ملك السعودية السابق عبد الله بن عبد العزيز، ورئيس الإمارات خليفة بن زايد. و بالنسبة للوفيات بالعائلة الملكية لا يتم الإعلان في الغالب عن حالة الحداد ولم يتم إعلانها بعد وفاة عمات جلالة الملك الأميرة للا عائشة سنة 2011 والأميرة للا أمينة سنة 2015 وكذلك الأميرة للا مليكة سنة 2021.

طبعا الموضوع ليس الحديث عن الحداد في حد ذاته، إذا كان مصاب العائلة كبيرا ولم يعلن العاهل المغربي حداد، وبل وطُلب مواصلة الحياة العامة بمسراتها وأفراحها، فلماذا يجب علينا أن نتوقف عن التنفس من أجل غزة والفلسطينيين ؟ أليس لنا الحق في العيش والفرح ؟ هل علينا أن نلغي كل المهرجانات والأعراس والحفلات وكل شيء فيه روح من أجل فلسطين ؟ هل يجب أن نموت لتحيا فلسطين ؟ رجاء ماذا علينا أن نفعل لترتاحوا وتتركونا من الكلام والانتقاد ؟ هل نعلن عن حل البرلمان وباقي المؤسسات ؟ هل التطبيع هو الذي يقتل الفلسطينيين ؟ هل المغرب هو البلد الوحيد المطبع ؟ 

أليس في فلسطين نفسها من يرقص ويغني ؟ ألا تنظم أعراس وحفلات في فلسطين ؟ هل كل الفلسطينيين، الذين يعيشون خارج البلد، لا يفرحون ولا يغنون ؟ ألا يذهبون إلى المهرجانات ؟

لماذا فقط على المغاربة أن يتوقفوا عن الحياة من أجل فلسطين ؟ لماذا تستخسروا علينا فرحا وعرسا ومهرجانا ؟

المغرب كبلد يرأس ملكه لجنة القدس، كان دائما سندا ودعما للقضية الفلسطينية، وآخر ما فعله من تقديم للمساعدات لخير دليل، وهذا أكبر ما يمكن للبلد فعله مع القضية الفلسطينية، الدعم.

في المقابل، سئمنا من سماع الصراخ في الشارع، مللنا من مسيرات ومظاهرات العدل والإحسان في الشوارع. يكفينا سماع صوت السيارات، ولا نريد صخبا آخر يضر بأذاننا ويقلق راحتنا في الأزقة وعند احتساء القهوة أو عند أكل وجبة خفيفة في مطعم على الشارع. نعم نريد أن نعيش بهدوء وسلام. أليس لنا الحق في هذا أيضا ؟ بتضامنك مع غزة، أنت تحرمنا من حقنا نحن في حياة سعيدة خالية من الصراخ وتفرض عليا ما أنت تؤمن به، وتعلمون قبلي أن في الاختلاف رحمة، لذلك ارحمونا من بكاء التماسيح.    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى