ما المشروع السياسي للمعارضة الحالية ؟
قبل تناول موضوع المعارضة الحالية وأي مشروع سياسي تحمله للمغرب والمغاربة، أحببنا أن نقوم بتذكير لبعض الشخصيات التي خلدت اسمها في المعارضة، خصوصا في القرن الماضي. هذه الأسماء قد يعرفها البعض منا، وقد يجهلها الكثير من بين المغاربة، وربما هناك من يعرف أسماء عبر تسميات أعطيت لبعض الشوارع والمدارس وغيرها، ولكن لا يُعرف لمن تكون تلك الأسماء وماذا كانوا يشتغلون قيد حياتهم، لأن الشخصيات التي سنذكر كلها فارقت الحياة منذ سنوات خلت، حيث سنقوم بذكر جزء بسيط من مسيرة بعض هؤلاء المعارضين.
أول شخصية تبادرت إلى ذهننا هو عبد الرحيم بوعبيد (1922-1992)، كان معارضا لنظام الحسن الثاني واختياراته الإستراتيجية الكبرى، وهذا ليس مربط الفرس، بل ما يهمنا من سيرة الشخص هو ما قدمه لخدمة الوطن. اشتغل بوعبيد مدرسا ومحاميا، قبل أن يلج عالم السياسة، فكان أحد مهندسي وثيقة المطالبة بالاستقلال وأصغر الموقعين عليها، وشارك في إعداد تقرير حول الوضع العام في المغرب قصد تقديمه أمام الوفود المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان له تأثير كبير في الحركة الوطنية من أجل نيل الاستقلال خلال فترة نفي العائلة الملكية، وكذلك في خدمة قضية الصحراء المغربية. شغل منصب أول سفير للمغرب بفرنسا من أجل مواصلة المفاوضات لنيل الاستقلال، كما عين على رأس عدة وزارات، ويعتبر بوعبيد مهندس الاقتصاد المغربي المعاصر، ويرجع له الفضل في إصدار صحيفة “الاستقلال” الأسبوعية.
الحديث عن بوعبيد، يرجعنا إلى ذكر زميله في درب النضال والمعارضة، المهدي بن بركة (1920-1965). حاصل على البكالوريا ودبلوم بشعبة الدراسات الإسلامية، وكذلك على بكالوريا تخصص رياضيات بفرنسا قبل الانقطاع عن إكمال الدراسة بسبب الحرب العالمية الثانية، ليحصل فيما بعد على البكالوريوس بالجزائر. بعيدا عن نهايته الغامضة، فهو كان سياسيا محنكا وأكبر معارض اشتراكي للحسن الثاني. هو أيضا أحد مهندسي وثيقة المطالبة بالاستقلال، وكان رئيسا لحزب الاستقلال وقاد الحزب ليصدر جريدة “العلم”، كما شغل منصب رئيس المجلس الوطني الاستشاري وكانت له عدة تحركات من أجل استقلال المغرب.
والإسم الأخير، ليس سوى عبد الرحمان اليوسفي (1924-2020). حاصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية. بين الاعتقال، النفي والعودة، اشتغل اليوسفي كمحامي ونقيبا لهيئة المحاماة، وكان المندوب الدائم للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالخارج، قبل أن يصبح الكاتب الأول له في 2003. له مؤلف “أحاديث في ما جارى”، وقاد حكومة التناوب في 1998.
هي أسماء كثيرة خلدت ذاكرة المعارضة المغربية، والقاسم بينهم أنهم كانوا جميعهم مثقفون عملوا على خدمة الوطن، كل من جهته وإن اختلفت وجهات النظر، لم يطعنوا يوما في المغرب وحبهم له، ولم يضربوا يوما في مؤسسات البلد وإن تعرضوا للسجن، فكان الوطن أكبر من ألمهم وعذابهم.
ماذا عن معارضة اليوم، أو المعارضين الحاليين ؟ في جملة بسيطة تلخص كل شيء، هي معارضة “يوتوبية” شفوية، رأسمالها كلام، بل الأكثر من هذا هي معارضة لا تهمها خدمة الوطن، بل الضرب في الوطن والمؤسسات وأعراض الناس، بل حتى ضرب أعراض بعضهم البعض.
أي مشروع سياسي يحمل زكرياء المومني ومحمد حاجب وعلي المرابط وأمال بوسعادة وهشام جيراندو وصلاح الدين بلبكري وحميد المهداوي، وإن كان هذا الأخير يتناول خطاب المعارضة ضمنيا ولا يصنف نفسه داخلها، وغيرهم؟ لا يحملون أي مشروع سياسي ومشروعهم الوحيد هو الربح المادي الشخصي وإن كان عن طريق الابتزاز.
معارضي اليوتوب لا يتوانون في مهاجمة المؤسسة الملكية، وباقي مؤسسات الدولة خصوصا، خصوصا مؤسستي الأمن الوطني والمخابرات. أ تعلموا لماذا بالضبط مهاجمة عبد اللطيف حموشي، مدير هاتين المؤسستين ؟ لأنه ببساطة “زامطهم”.
معارضة اليوم أو المعارضة اليوتوبية هي قائمة فقط على التسجيلات الصوتية لبعضهم البعض، لأنهم كلهم متآمرون، يتكلمون مع بعضهم البضع، يتشاورون فيما بينهم، طبعا في التفاهة التي ينشرون على قنواتهم، ويسجلون ويحفظون حديث بعضهم البعض. وعليه، ما فائدة وضع برنامج تسجيل وحفظ المكالمات الهاتفية إن لم تكن هناك نية مبيتة عن طبيعة الكلام وما مدى أهمية حفظ تلك المكالمات، إلا لغاية الرجوع لها عند الحاجة بهدف الابتزاز.
كلامهم رديء ومستوياتهم الفكرية أقل ما يقال عنها أنها تحت الحضيض. أحاديثهم سب وقذف وشتم وتنابز بالألقاب، حوجيب من هنا، زكيكو من هناك، زانزان من جهة أخرى، وغيرها من الأسماء، حتى أن ذكرها أصبحت تشمئز له النفوس. ما مستواهم التعليمي ؟ فقط جماعة “كوسالا”، المومني ترك الدراسة من السنة الثالثة إعدادي، وترك عالم رياضة “البوكس طاي”، والتي إن استثمر فيها كل الوقت الذي أضاعه من أجل أن يبتز الدولة في 5 مليون أورو، لأصبح فعلا بطلا قوميا. بوسعادة تدعي أنها دكتورة، ومن أين لها بها ؟ فعلا هي دكتورة في السب والشتم. المهداوي وكل أحاديثه عن الإجازات في اللغة العربية والقانون والماستر في القانون الدستوري، لم نقرأ له ولا تحقيقا يتيما على صفحات موقعه الإلكتروني. السؤال لماذا ؟ والجواب، طبعا هو لا يجيد الكتابة وغير قادر على ذلك، بل يستطيع فقط “الهضرة”. حاجب، يملك جينات الكسل بالفطرة، فهو لم يكمل دراسته، وبعدها اخترع فيلم العجز الجسدي لينال تعويضات مادية دون عمل، أما مستواه الفكري، فهذا شيء آخر، فهو يجيد فقط لغة التهديد والوعيد بالتصفية، لأنه تربى تربية الدواعش. ولأنهم خونة، فهم على أتم الاستعداد لعمالة الجهات الأجنبية، خاصة الجزائر، التي تحاول المس بالوحدة الترابية للمغرب.
إن كان المعارضون السالف ذكرهم قضوا عقوبات سجنية على أفكارهم، فبعض المعارضين الحاليين يتقاسمون معهم نفس التجربة، لكن يختلفون في المواقف، لأن الجدد سجنوا لأجل النصب والابتزاز، بل حتى خيانة الوطن.