أشباه المعارضين والمال
من قال أن المال لا يجلب غير السعادة، بل يجلب أيضا وفي حالات كثيرة التعاسة. المال لم يعد ذاك المحرك الأساسي لاقتصاد العالم، بل أصبح الحصول عليه غاية في الوجود وحلم من لا قدرة له على العمل. فالحصول عليه لم يعد تقليديا بالكد والجد و”الفياق بكري”، بل تطورت سبل الحصول عليه في سنوات قيام الشبكة العنكبوتية. بين ظهور حرف جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تحتاج لا لدراسة ولا لسهر الليالي أو شهادات تذكر، فقط هاتف و”صنطيحة” وبعض من رصيد الانترنيت لتقديم محتوى لا يصلح حتى لإضاعة الوقت، لكن له عائدات مالية، وبين قيام تجارة افتراضية بكل تلاوينها واختصاصاتها الجديدة والمتفردة، برز جيل جديد من النصابة والمبتزين على مواقع التواصل.
جيل يرفض العمل والاجتهاد، اختصوا في الحصول على المال بأبسط الطرق ودون عناء. بضاعتهم شظايا من بعض الملفات، تسجيلات صوتية تعود إلى عصر اختراع جهاز المذياع، صور، كلام فارغ باسم الدفاع عن حقوق الأقليات العرقية وحقوق الإنسان، طبعا لا يدافعون على حرية التعبير، لأنهم أجمعوا على عدم السماح للآخرين بإبداء آرائهم، والهدف ربح المال.
يقفون ويمدحون مع من يدفع أكثر، حتى لو على حساب شرفهم وأعراضهم، بل ليس لهم لا عرض ولا شرف، والكل عندهم قابل للبيع مقابل الأورو والدولار. لم يتبق لهم غير أجسادهم للبيع، بل حتى إن واحد ممن سنذكر، يقال والعهدة على الملابس التي يرتدي والأماكن التي يزورها، أنه باع حتى جسده مقابل الدولار الكندي.
هي أمثلة كثيرة سنستحضر البعض منها، والكل يعرف بعضها أو جزء منها، لكن هذا فقط تذكير لطرق حصول هؤلاء المعارضين الافتراضيين على المال.
طبعا القاسم المشترك الأول بين أشباه المعارضين الجدد يبقى الحصول على المال في مرتبة أولى، ثم العقوبات الحبسية التي قضاها بعضهم، وصولا إلى المتابعة في قضايا النصب والابتزاز.
لكن الجديد في “السعاية” على اليوتوب هو ما قام به الصوحافي الاستقصائي الكبير في العمر علي المرابط حين عمل على حمل الصينية والتوسل في مباشر له على قناته، بتاريخ 27 يوليوز 2024، حيت كان من المفترض أن يخصص “اللايف” للحديث عن “المخابرات المغربية وأبناء وأحفاد خونة الوطن”، لكنه تحول بقدرة قادر إلى جلسة على كرسي قرب “جامع الجزائر” ليتوسل بعض الدنانير أو السنتيمات. السبب، المرابط يريد شراء معدات جديدة لجلسات تصويره الحميمية أو حين يبدأ بعرض حكايات البصري وبلا فريج وبن بركة وليوطي ومكيافيل ودو لا بويسي.
لا شيء من كل هذا، ما هو إلا تحايل جديد وتسول مغلف بغلاف “الميكروفون” أو “الكاميرا”، بل الأدهى أن تحايل وأنه لا يملك المال ولا عيب في ضخ بعض المال في حسابه على “Paypal” أو ربما هي وسيلة تمويه لوجود تحويلات بنكية من جهات كلنا نعرفها.
ثم نجد زكرياء المومني والإرهابي حاجب أو التعويض بصيغة النصب على الدولة من أجل التعذيب. إن جمع بين الإثنين قضاءهم لعقوبة سجنية، فهما قررا لبس لباس المعارضة لربح المال والحصول على مبالغ خيالية من جيوب دافعي الضرائب ودون الحاجة إلى عمل. يبدوا أن طريقها مازالت طويلة في المعارضة وحلم الحصول على “أموال تترعرع” تبخر بحرارة السنوات ولم يجد غير الاستفادة من المساعدات التي تقدم للأشخاص بدون مأوى (SDF) سواء في ألمانيا أو كندا وبعض عائدات اليوتوب البئيسة لأن قنواتهم لا يتابعها أحد وبدون محتوى يذكر غير السب والشتم.
ليس فقط هؤلاء، هناك أسماء أخرى من أمثال هشام جيراندو وصلاح الدين بل بكري وآمال بو سعادة وبدر العيدودي، وغيرهم الكثير، ممن تقاسموا لعب دور المدافعين عن حقوق الإنسان وفضح الفساد، لكن هذا كله ليس إلا الشجرة التي تخفي الغابة وكل واحد منهم تجد في سيرته الذاتية متابعات قضائية ونصب وابتزاز من أجل الحصول على المال وبأسهل الطرق.