زاوية الرأي

إعتراف فرنسا بمغربية الصحراء.. تكريس للحقيقة التاريخية والشرعية القانونية ودقٌّ لآخر مسمار في نعش أطروحة النظام الجزائري

رغم إصرارها الدائم على أنها ليست طرفا في نزاع الصحراء وليست لها أية أطماع توسعية إلا أن تشنج الجزائر اليوم بعد خروج فرنسا من منطقتها الرمادية و إعترافها بسيادة المغرب على صحرائه غير مفهوم بتاتا، حتى قرارها الصبياني بسحب سفيرها من فرنسا أضحى يثير تساؤلات حول مدى إقتناع كبرانات العسكر بهذه الرواية .

وكتبرير لهذا التصرف الصبياني، أشارت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها إلى أن “الحكومة الفرنسية أقدمت على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض فرضا في إقليم الصحراء الغربية” وأوضحت أن “هذه الخطوة التي لم تقدم عليها أي حكومة فرنسية سابقة قد تمت من قبل الحكومة الحالية باستخفاف واستهتار كبيرين دون أي تقييم متبصر للعواقب التي تنجر عنها”.

يتحدث قصر المرادية عن الواقع الإستعماري المفروض في الصحراء المغربية و يتناسى أن حدود المناطق الصحراوية المبتورة من المغرب، هي نتيجة للاتفاقيات المبرمة بين باريس ومدريد، والتي تركت لإسبانيا أنذاك كامل الساحل الأطلسي من مصب وادي درعة شمالا، إلى بور إتيان (نواذيبو) جنوبا، مع بتر العديد من الأراضي المغربية بما فيها الصحراء الغربية والشرقية ومناطق أخرى لصالح الجزائر الفرنسية بغرض إنشاء مشروع خط سكة قطار قصير عابر للصحراء.

و إذا ما عدنا للتاريخ فسنجد أن سيادة المغرب على الصحراء الغربية تمتد على مدى عدة قرون، حيث يوضح المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان بالدليل أن الإسبان كانوا  مهتمون في وقت مبكر جدا بالساحل المغربي على المحيط الأطلسي، وفي عام 1476، قام رجل إسباني ببناء حصن بالقرب من طرفاية أطلق عليه اسم سانتا كروز دي مار بيكينيا، ويضيف برنارد لوغان: “في عام 1527، قام سلطان المغرب أحمد الوطاسي (1524-1550) بتدميره، وهذا دليل على أن المنطقة في ذلك الوقت كانت بالفعل مغربية”.

و يردف المؤرخ الفرنسي عندما أصبح الوجود الفرنسي مهددا في المناطق المعنية من مسار القطار العابر للصحراء، “توجه وفد من توات في عام 1886 إلى فاس لمطالبة السلطان مولاي الحسن الأول بإرسال قوات مغربية (…). وفي عام 1887، طلب مولاي علي أولاد مولاي سليمان، زعيم زاوية كنتة بتوات، من السلطان مولاي الحسن التدخل ضد التواجد الفرنسي في القليعة”.

وإستمر ضم الأراضي المغربية إلى الجزائر الفرنسية حتى بعد استعمار فرنسا للمغرب، وابتداء من عام 1935 “أصبح للجزائر منفذ على الصحراء التي لم يمتلكها قط أسلاف الفرنسيين، أي الأتراك”.

فعن أي إستعمار تتكلم الحديقة الخلفية لفرنسا؟ والحال أن أي تصفية يتكلم عنها كابرانات العسكر في إفريقيا لن تكتمل إلا بإستعادة الأراضي التي ضمتها فرنسا لمحميتها .

و مما لا شك فيه، فإن إعتراف فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه يجعلها تتحمل فقط مسؤوليتها الكاملة وتصلح أخطائها خاصة أنها مطلعة على كل لمعطيات القانونية والتاريخية الحقيقية المرتبطة بهذا النزاع، و أن موقفها لا يمثل إنتصارا على أي أحد، ولا هزيمة لأي أحد، بل يجسد الحقيقة التاريخية والشرعية القانونية.

و الموقف الفرنسي اليوم على الرغم من تأخره إلا أنه جاء للحسم في هذا النزاع، خاصة أن هذا الاعتراف يشكل تطورا جوهريا في ملف الصحراء، لأن فرنسا هي أول دولة كانت تستعمر المغرب وتتوفر على كل الوثائق التي تؤكد مغربية الصحراء، وهو الأمر الذي سيؤثر بشكل إيجابي في اتجاه إنهاء هذا الملف الذي عمر لما يقرب من خمسة عقود.

إضافة إلى أن فرنسا لم يعد أمامها أي خيار سوى دعم مبادرة الحكم الذاتي أمام الدينامية التي كان يعرفها الملف، خصوصا بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء والاستدارة التاريخية لإسبانيا عبر تأييد مقترح الحكم الذاتي، لاسيما بعد خطاب ثورة الملك و الشعب للملك محمد السادس  و الذي قال فيه جلالته بصريح العبارة أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وبأنه المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.

ا


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى