عندما تصبح تدوينة على الفيسبوك أهم إنجازات المؤرييخ المعطي منجب
احتفل بالأمس، السبت 21 شتنبر 2024، وبدون مناسبة المؤريييخ والعلامة والكاتب الفيسبوكي العظيم المعطي منجب بتدوينته الشهيرة التي حصدت 1827 تفاعل بين أيقونات “جيم” و”تضامن”و”حزين”، بالإضافة إلى 174 تعليق و299 مشاركة، المؤرخة في 21 دجنبر 2022.
فعوض التباهي بنفاذ كتابه الأخير “الإسلاميون في مواجهة العلمانيين في المغرب” (2009) من المكتبات ووصول عدد المبيعات إلى أكثر من 50 مليون نسخة، لم يجد المعطي غير الخروج بتدوينة خارج السياق الزمكاني لإعادة إثارة موضوع قضي الأمر فيه وانتهى ليقول لمتتبيعه الافتراضين أنه لا زال على قيد الحياة وأن موسوعته الفكرية لم تندثر بعد وأنه مازال قادرا على التأريخ وخاصة تأريخ تدويناته الفيسبوكية العظيمة. آسف، ولكنه لا يمكنه الاحتفال بمثل هذه الأشياء الجميلة لأنه في عطالة عن العمل والإبداع منذ سنوات ضوئية وربما لم يعد قادرا على كتابة صفحة وحيدة من عمل تأريخي أو روائي، فأكبر إنجازات الرجل أصبحت عبارات تضامنية مع مغتصبين على الفضاء الأزرق.
إنه كاذب ويعرف نفسه أنه كذلك، بل حتى إنه فاشل في الكذب، وليعطي لنفسه مصداقية لتدوينة خارج السياق، ادعى والعهدة على الكاذب )المعطي( أن فيسبوك ذكره بهذه التدوينة. قبل الحديث عن المحتوى وخبث التدوينة، سأوضح للقراء، في زمن التكنولوجيا، أين الخلل.
أولا، التدوينة التي احتفل بها المؤرييخ المعيطي كانت بتاريخ 21 دجنبر 2022.
ثانيا، مقال على أنوزلا كان بتاريخ 28 فبراير 2024.
ثالثا، مقال سعيدة الكامل كان بتاريخ 19 دجنبر 2020.
رابعا، آخر من علق على التدوينة، موضوع الحديث، كان سنة 2023.
السي المعطي كفى من التكالب على عقول الناس في زمن التكنولوجيا، فالفيسبوك لا يمكن أن يذكر بمثل هذه الأشياء، لأن خاصية “Souvenirs” تذكر بأشياء حدثت في نفس اليوم من سنوات سابقة ولا يكون ذلك اعتباطيا ولا يظهر لك ذكريات في غير وقتها ولا سياقها، فالتواريخ الأربعة المرافقين للتدوينة لا يتناسبون مع تاريخ الأمس، أي السبت 21 ستنبر.
وعليه، العملية مفضوحة ومفبركة، والتدوينة الأخيرة للمعيطي هي عمل مبيت وخبيث، أراد أن يجعل له سياق واقعي من أجل إخراج حقده الدفين تجاه شخص الملك ومؤسسات الدولة، خاصة الأمنية منها والقضاء.
هي محاولة جديدة للمعيطي لنفث غبار النسيان عنه عبر مهاجمة المؤسسة للملكية والإدعاء باطلا أن بالعفو، الملك صحح أخطاء الأمن والقضاء عبر الاستشهاد بقضية “دانييل غالفان” التي تعود لسنة 2013.
يبقى السؤال، لماذا عمد المعيطي إلى إعادة نشر قضية كالفان في هذا الوقت بالذات والحديث عن الاختلالات التي طالت مسطرة العفو عنه، وكيف رتب مسؤولية مندوبية السجون عن تلك الاختلالات، بل ونشر مغالطات حول البلاغات الملكية، لأنه لم يرد فيها أي حرف عن التكييف القانوني للجرائم الموجبة للحذف من قوائم المستفيدين من العفو…؟
هل هي محاولة جديدة وبائسة من المعيطي لإعادة إثارة محاكمة كل من زيان والزفزافي ومن معه لأنهم لم يستفيدوا من العفو الملكي ؟ هل هو فعلا تضامن مع توفيق بوعشرين أم أنه ارتداد عليه بعد أن غير الأخير من وجهات نظره حول قطار “التي جي في” والبنية التحتية للبلاد ؟ هل هو انتقاد غير مباشر للعفو عنه لأنه مغتصب )كما ادعى أن الملك قال أنه لا يجب على المغتصبين الاستفادة من العفو الملكي(؟ هل هو خوف من ترك بوعشرين لمركب العدميين والانقلاب عن أفكارهم ؟ ثم، لماذا توقف المعيطي فقط عند توفيق ولم يذكر غيره ؟
هي أسئلة شرعية لأن المعيطي وعصابة “الطوابرية” لا يمكنهم العيش بعيدا عن الفوضى، فهم لا ينفكون يصبون الزيت على النار، لأنه يقتاتون على مآسي الآخرين ويسترزقون باعتقالهم وسجنهم لتحويلهم إلى أصل تجاري للترافع به في المحافل الدولية وتمرير رسائلهم البئيسة لمهاجمة الدولة.
هي عصابة لا تحب أن ينعم البلد بالاستقرار ولا تحب أن يكون حرية التعبير أو حقوق الإنسان لأن ذلك لا يخدم مصلحتها، فأعضاء هذه العصابة تقتات على الجثث كالضباع.
متى اصطف المعيطي ومن يسيرون على درب النضال، المدر للدخل، بجانب الحق ؟ فعوض الشكر والامتنان على استفادة بوعشرين وسليمان وغيرهم من العفو الملكي، يحاولون قدر المستطاع تحوير العفو الملكي عن سياقه كمبادرة إنسانية وجعله فقط قلم أحمر يصحح أخطاء الغير.
المهم، بعد سنوات من الآن، عوض أن يحتفل المعيطي بتدوينة على حائطه بفضاء الفيسبوك، سيعمل المؤرييخ الفيسبوكي الكبير على جمع تدويناته الرائعة، التي حصدت أكثر عدد من التفاعل، في مجلد كبير وسيجول به بقاع العالم الافتراضي وسسيحاضر بها في التيك-طوك على المباشر وسيوضح للمشاهدين الكرام كم عمل بجهد لإغناء مواقع التواصل الاجتماعي.
فعلا إنه خريف العمر الفكري والإبداعي عند المعيطي “الله يجيب شي ضحية باش نطعلو التفاعل في الفيسبوك”، فعوض العمل على إغناء رصيده المعرفي وتطوير سيرته الذاتية من الكتب والمؤلفات، نجده يقبع في عالم الفيسبوك وترديد نفس خطاب أعداء الوطن ممن يحورون كل شيء لمهاجمة الدولة ومؤسساتها.
المؤرييخ الكبير في “التبوحيط” وصاحب أكبر عدد الإضراب عن الطعام، بمناسبة أو دونها، سيصبح مرجع في أول مؤرخ فيسبوكي يشهده العالم.