ألم يحن الوقت بعد للقطع مع سياسة اليد الممدودة ومعاملة الجزائر بالمثل عبر فرض “الفيزا” عليهم ؟
إقدام نظام الكابرنات على إعادة العمل الفوري بنظام إلزامية تأشيرة الدخول للرعايا الأجانب الحاملين لجوازات سفر مغربية، ليس خطوة عدوانية جديدة تجاه الشعب المغربي، بل هو غيض من فيض سياسة عدوانية مترسخة، منذ ستينيات القرن الماضي، عند الجار الشرقي ويتم تمريرها عبر خطابات أن الجزائر لطالما التزمت بقيم التضامن والحفاظ على الروابط الإنسانية والعائلية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي، وأنها تفادت، منذ إعلانها قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية في غشت 2021، المساس بحرية وسيولة تنقل الأشخاص.
إن كانت أفعال النظام الجزائري كلها عدوانية تجاه المغرب، فتبقى ذكرى عيد الأضحى لسنة 1975 هي الأفظع والأكثر ألما لما عاشه المغاربة من رعب حكام المرادية. نعم، إن ذكرى ترحيل آلاف المغاربة من تراب الجزائر بأمر من الرئيس الجزائر حينها إبراهيم بو خروبة والمعروف بهواري بومدين، حيث بلغ عدد المغاربة المهجرين قسرا حوالي 45 ألف عائلة، أي ما مجموعه 350 ألف مواطن.
هي واحدة من أكبر الجرائم ضد الإنسانية التي عرفها القرن 20، وهي ما عُرف ب”بالمسيرة الكحلا” (سوداء)، فبينما كانت الأمة الإسلامية تحتفل بعيد الأضحى الكريم، كانت دوريات الشرطة الجزائرية والدرك تجول بيوت الأسر المغربية، تستدعيهم للتهجير دون السماح لهم حتى بفرصة جمع حقائب لسفرهم المصيري ذاك بلا رجعة.
كانت جريمة نظام الكابرنات، في حق الرعايا المغاربة المقيمين بالجزائر، كرد فعل على المسيرة الخضراء، المسيرة السلمية التي أطلقها الملك المغربي الراحل الحسن الثاني يوم الخميس 6 نوفمبر 1975 لتحرير الصحراء المغربية من الاستعمار الإسباني، حيث كان عدد المرحلين بنفس عدد المشاركين في المسيرة الخضراء، أي 350 ألف مواطن، وحدث ذلك فقط ثلاثين يوم بعد تنظيم المسيرة الخضراء.
شُردت خلال هذه الجريمة النكراء ضد الإنسانية، وفي يوم عيد، عائلات وفُرقت الأمهات عن فلذات أكبادهن وأزواجهن، وفرق الآباء عن أبنائهم وأقاربهم.
أليست هذه الجريمة كافية لقطع كل العلاقات مع مبدعي العشرية السوداء الذين لم يرحموا حتى المواطنين الجزائريين أنفسهم وقاموا بقتل أكثر من 200 ألف من المدنيين ؟
قبل هذه الجريمة بسنتين، أي في 1973 كانت الجزائر على موعد آخر من “أعمال الخير” تجاه المغرب بمساهمتها في تأسيس عصابة البوليساريو وذلك لضرب الوحدة الترابية للمغرب وتقسيمه. ومازالت الجزائر إلى يومنا هذا تُرضع هذا الطفل غير الشرعي لنظام “حكرونا المراركة” وتدعمه ماديا وبالأسلحة، بل أينما حلت وارتحلت هي تدافع عنه تحت ذريعة حق الشعوب في تقرير المصير.
أصبحت خرافة البوليساريو أكبر عمل للدبلوماسية الجزائرية على الصعيد الدولي، لكنها ما فتئت تتكبد الهزيمة بعد الأخرى مع ارتفاع عدد الدول المؤيدة للمخطط المغربي للحكم الذاتي، وآخرها مملكة الأراضي المنخفضة (Pays-bas) التي جددت، أمس الخميس 26 شتنبر 2024 بنيويورك، عبر وزير خارجيتها، كاسبار فيلدكامب، موقفها المؤيد للمخطط المغربي للحكم الذاتي، واصفة إياه بالمساهمة “الجادة وذات المصداقية” في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
أما بالعودة إلى اتهام المغرب بإحراق الغابات الجزائرية وإرسال الجراد المغربي للهجوم على الحقول الجزائرية على قلتها، أو إرسال الجواسيس الإسرائيليين إلى هناك بجوازات سفر مغربية وغيرها من الإدعاءات، بل حتى إقدام الحكام الفعليين لقصر المرادية بقطع العلاقات الدبلوماسية، أحادية الجانب مع المملكة المغربية، مرورا بحذر المجال الجوي على الطيران المدني المغربي، وصولا إلى إقرار تأشيرة للدخول إلى الجزائر على كل الأجانب الحاملين لجواز سفر مغربي، فهي فقط شكليات للتغطية على فشل النظام الجزائري في إنعاش وإغاثة البلد من الركود الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي الذي يعيشه بلد الخيرات الطبيعية الذي لم يستطع حتى توفير العدس واللوبيا لمواطنيه.
فشل المنظومة الجزائرية يدفع بالنظام ليس إلى خلق عدو خفي لإلصاق فشلها عليه، بل الجزائر لا تتوانى في خلق عدو ظاهر لتبرير فشلها على جميع الأصعدة.
أليس من حق المغرب أن يكف عن نهج سياسة اليد الممدودة للجزائر ومعاملتها بالمثل ؟ لماذا لا تفرض تأشيرة الدخول للتراب الوطني كذلك على كل حامل للجنسية الجزائرية ؟ ما القيمة المضافة لزيارة الجزائري للمغرب ؟ ألا يعتبر الأغلبية ممن يزورون المغرب أنه فقط نقطة عبور من أجل الوصول إلى القارة العجوز ؟ ماذا سنخسر إن لم نستقبل أي سائح جزائري؟
ربما حان الوقت لمعاملة جار السوء بالمثل وفرض “فيزا” عليهم أيضا، وكما يقال “العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم”.