“المندبة كبيرة والميت فار” أو عندما تعمل جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان على جعل فؤاد عبد المومني قديسا
منذ وضع المدعو فؤاد عبد المومني تحت تدابير الحراسة النظير للتحقيق معه من أجل الاشتباه في ارتكابه أفعالا تتعلق بإهانة هيئات منظمة ونشر ادعاءات كاذبة، والتبليغ عن جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها، تعالت الأصوات المطالبة بإطلاق سراحه، وكأن عبد المومني شخص فوق القانون ولا يجب المس به أو متابعته إن هو خالف القوانين المعمول بها في هذا البلد.
صار عبد المومني كالقديس بيننا، فلا يجب إزعاج سيادته أو حتى وضعه تحت الحراسة النظرية للتحقيق معه، فهو منسق للهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين الذي لا ينطق عن الهوى، فهو فقط يريد خيرا بهذا البلد، ولم يسبق له البتة أن صب الزيت على النار. من كان يتابع البرنامج الذي كان يشارك فيه قناة “Rifision Tv” على “Youtube” أو من خلال تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي سيعرف حجم حقده على المغرب ومؤسساته حتى لو لم يكن يعلن ذلك صراحة، لكن انتقاداته لكل شيء جميل ومتحرك في هذا البلد كان دليلا قاطعا على ما يكنه صراحة لبلده الأم.
لكن الغريب في كل من يتضامن مع عبد المومني هو استعمال نفس الأسطوانة مع معتقلين سابقين كالريسوني سليمان وبوعشرين وغيرهم، وهي عبارة الاعتقال التعسفي.
نظم مرتزقة الوقفات الاحتجاجية بزعامة الأخصائي حسن بناجح، بالتزامن مع جلسة تقديم عبد المومني أمام وكيل الملك اليوم الجمعة، وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراحه، لكن أهم ما جاء في اللافتة التي حملها المشاركون، وعلى قلتهم، هي عبارة الاعتقال التعسفي.
متى أصبح اعتقال شخص ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية يعتبر اعتقالا تعسفيا، أو أنه يعتبر ذلك فقط إن تعلق الأمر بعشيرة الطوابرية، ولتبرير نظيرة المؤامرة التي يدعيها المتضامنون مع عبد المومني، نذكرهم بتصريح المتحدث باسم النيابة العامة أن المؤسسة القضائية أكدت على أن المعني بالأمر تم تمتيعه بكافة الضمانات والحقوق التي يخولها له القانون سواء خلال البحث معه من قبل الشرطة القضائية، حيث تم إشعاره بأسباب إيقافه وإشعار عائلته بذلك وكذا إشعاره بحقه في التزام الصمت وبكافة الحقوق التي يخولها له القانون أو خلال استنطاقه من قبل النيابة العامة.
يعني لا شيء صحيح مما ذكر في بيان الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين-همم- وقت إعلانها عن توقيف منسقها الوطني الحقوقي المغربي فؤاد عبد المومني، مساء الأربعاء الماضي بالرباط وهو في طريقه لاجتماع الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين، وأن اعتقاله اُحترم فيه جميع الشروط القانونية المعمول بها في الحالات المشابهة.
عجيب أمر الهيئة في الدفاع عن منسقها، من خلال بيانها التضامني، تحاول جعل من عبد المومني نلسون مانديلا أو تشي جيفارا زمانه وأن اعتقاله يأتي ضمن سلسلة من المضايقات التي تستهدفه، باعتباره إجراء يهدف إلى الانتقام من مواقفه الجريئة في التعبير عن آرائه ودفاعه عن حقوق الإنسان، لكن ماذا عن الاتهامات التي وجهها للدولة بدون أي حق وفي غياب تام للأدلة؟ هل هو مستهدف فقط لأنه ينتقد ويهاجم بدون أية حجة؟ أو أن الاستهداف يعني تركه يقول وينتقد كما يشاء مثل “الحلايقي”، مع احترامي لأصحاب هذا الفن العريق؟
الهيئة تعتبر المس بمنسقها تصعيدا إضافيا في سياسة القمع التي تتعامل بها السلطات مع النشطاء الحقوقيين والسياسيين في البلاد، يعني أن حمل شارة “الحقوقي” يجعلك مقدسا وفوق القانون، أو هي الرسالة التي تحاول هذا التنظيم تمريره لنا كمتابعين للأحداث في هذا البلد.
قبل الختم، لا فؤاد عبد المومني أو غيره من يتباهون بالانتماء إلى الجمعيات أو المنظمات الحقوقية هم فوق القانون، فبعد المومني يجني ثمار ما زرعت يداه وقضيته الآن هي بين يدي القضاء وما عليه إلا أن يثبت براءته، أما المزايدات على القضاء باسم الدفاع عن حقوق الإنسان والإحتماء بالمنظمات الدولية وغيرها، فهذا لم يعد ينفع في شيء.
في الأخير، نذكركم أن النيابة العامة لدى المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، أعلنت أنها قررت اليوم الجمعة متابعة فؤاد عبد المومني في حالة سراح للاشتباه في ارتكابه لأفعال جرمية يعاقب عليها القانون.
وأوضح المتحدث باسم النيابة العامة، (نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء)، في تصريح صحفي، أنه : “بعد انتهاء إجراءات استنطاق المعني بالأمر قرّرت هذه النيابة العامة متابعته من أجل الاشتباه في ارتكابه أفعال تتعلق بإهانة هيئات منظمة ونشر ادعاءات كاذبة؛ والتبليغ عن جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها حيث قررت متابعته في حالة سراح واستدعائه لجلسة المحاكمة”.