زاوية الرأي

هل كتابة مقالات عن إدانة اليوتيوبر حميد المهداوي تعني الاصطفاف في حلف الوزير وهبي ؟

كثر الكلام مؤخرا، من طرف حميد المهداوي، عن اصطفاف الصحافة في دعم وزير العدل عبد اللطيف وهبي خاصة بعد إدانة اليوتيوبر بـ 18 شهرا سجنا نافذة وغرامة قدرها 150 مليون سنتيم على خلفية تهم “بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة من أجل التشهير بالأشخاص والقذف والسب العلني”، في القضية التي يتواجه فيها مع وزير العدل.

مخطئ من يظن أن التطرق للموضوع من زاوية الوزير هو اصطفاف في حلفه، فعبد اللطيف وهبي، الشخص، المحامي أو الوزير ليس ملاكا وغير معصوم عن الخطأ، فله أيضا مجموعة من الأخطاء السياسية التي ارتكبها خلال مدة استوزاره وقد أسالت الكثير من المداد، خاصة خرجاته الإعلامية وبعض التصريحات التي لم تكن مدروسة أو ربما كانت مقصودة، لكنها أثارت ردود فعل كثيرة بين عامة المغاربة، نذكر منها خلافه السياسي مع بعض أعضاء الحكومة حول قضايا تهم المحروقات وكيف تحولت رؤاه السياسية. بل هو فقط اصطفاف إلى جانب القانون الذي يتساوى فيه المواطن البسيط مع الصحافي وكذلك الوزير.

لسنا ضد محاربة الفساد، لكن عند انتقاد شخصية عمومية كوزير مثلا، وجب التفريق بين حياته الخاصة، وحياته قبل الإستوزار وبعد أن أصبح وزيرا، ودائما يجب أن يكون الانتقاد في حدود الأدلة المتوفرة وعدم الإفراط في الكلام دون أي مستجد أو حقائق ثابتة.

طبعا، يكمن الإشكال بين الصحافة وامتهان “الحلقة” والحديث باستغلال “صفة صحافي” على مواقع التواصل الاجتماعي كاليوتيوب، لأن في مقال يكون الكلام قليل، أما على مواقع التواصل فوقت الكلام هو مربط الفرس، لأنه لا يكفي أن تقول الخبر، بل يجب أن تحكي حكاية في ساعة من الوقت فقط على خبر يمكن أن تكتبه في سطرين على جريدة ورقية.

هل الوزير له الحق في متابعة صحافي ما ؟ طبعا له كل الحق أن يتابعه بصفته كوزير طبقا للقوانين المعمول بها وهناك عدة أمثلة في هذا السياق.

إن كنا محليا رأينا متابعة وزير العدل لكل من محمد رضا الطاوجني وحميد المهداوي، فهناك قضية الوزير الأول السلوفاكي Robert Fico الذي رفع قضية ضد رئيس تحرير الموقع الإلكتروني “Aktuality”  Peter Bárdy، طبعا هذه القضية تتعلق بكتاب للصحافي بيتر باردي حول الوزير السلوفاكي، وهناك أيضا قضية مشابهة لقضية وهبي والمهداوي، وهي القضية التي كان أطرافها الصحفيين الطوغوليين Loïc Lawson و Anani Sossou ووزير السكن والتعمير الطوغولي Kodjo Adedze، حيت تمت إدانة الصحفيين بتهم التشهير بشخص الوزير كودجو.

بالعودة إلى قضية الوزير وهبي واليوتيوبر المهداوي فهي قضية لا تخرج عن القانون، فوهبي يستفيد من النصوص القانونية لحماية نفسه من التشهير، والمهداوي سقط في الخطأ عند مهاجمة الوزير ولم يزن كلامه، هي فقط حُورت عن مجراها العادي، لأن صاحبها أو المشتكى به يترافع فيها على مواقع التواصل الاجتماعي ويحاول جاهدا أن يجعل منها قضية رأي عام وأنه إنسان يتابع بالقانون الجنائي عوض قانون الصحافة وأن محاكمته غير عادلة وأن الكل خانه بدعم الوزير على حسابه، بالإضافة إلى استغلالها من أشباه المعارضين و”الركمجيين”  من أمثال الإخونجي حسن بناجح والمعطي منجب وعزيز غالي وفؤاد عبد المومني وعلي المرابط و زكريا المومني وغيرهم لجعلها قضية رأي عام، في إطار المس بحرية التعبير ومهاجمة الأقلام الحرة وغير ذلك من القضايا التي يروجون لها من أجل “طرف الخبز”. طبعا، حرية التعبير تنتهي عند المس بحرية الآخرين، وهذا ما يتناساه حميد المهداوي والذين يصطفون إلى جانبه.

وحول إدعاء المهداوي أن الصحافة تهاجمه وأنها تصطف في صف الوزير، بل وصل به الحد إلى طلب أن تستضيفه قناة عمومية ليدلي بأقواله، خاصة بعد أن استضافت نفس القناة العمومية الوزير، وأنه من أخلاقيات المهنة أن الصحفي النزيه، سواء في الإعلام السمعي أو المرئي أو الكتابي، فيجب عليه إعطاء الكلمة لكل أطراف القضية، وليس فقط الاصطفاف إلى جانب على حساب الآخر.

السؤال هنا موجه إلى المهداوي، كم من قضية تطرقت إليها، عبر قناتك، لم تأخذ فيها إذن المعني بالأمر وكم من قضية لم تقم فيها بمواجهة جميع الأطراف ؟ ربما أنت تفهم جيدا أنك لا تحترم أخلاقيات مهنة الصحافة، طبعا لأنك أصبحت يوتيوبر أكثر منك صحافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى