كيف ستبرر الجزائر للسوريين مواقفها الداعمة لجرائم نظام بشار الأسد ؟
منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، برزت الجزائر كواحدة من الدول العربية التي أبدت دعماً واضحاً لنظام بشار الأسد، على الرغم من الانتقادات الدولية الواسعة لانتهاكات حقوق الإنسان والقمع العنيف الذي واجه به النظام مطالب الشعب السوري بالتغيير.
موقف الجزائر : دعم مبدئي أم حسابات استراتيجية ؟
اتخذت الجزائر موقفاً يُوصف بـ”الحياد الإيجابي”، لكنها في الواقع دافعت عن بقاء الأسد على رأس السلطة تحت شعار رفض التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول. وقد بررت الجزائر دعمها للنظام السوري بدعوى التمسك بمبدأ السيادة الوطنية وعدم السماح بفرض أجندات خارجية على الشعوب.
إلا أن هذا الموقف يتعدى الجانب المبدئي ليعكس حسابات استراتيجية وسياسية، إذ ترى الجزائر في النظام السوري حليفاً تاريخياً يشترك معها في عدة مواقف، وهو ما عزز العلاقات بين النظامين خلال العقود الماضية.
الانعكاسات على الثورة السورية
على الرغم من أن الثورة السورية كانت حركة سلمية في بدايتها تهدف إلى تحقيق الحرية والديمقراطية، إلا أن الدعم السياسي الذي قدمته الجزائر للنظام السوري أسهم في تعزيز موقف الأسد دولياً، حيث كانت الجزائر من بين الدول العربية التي عارضت تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ودعت إلى إعادة دمجها في الصف العربي.
هذا الدعم، الذي ترافق مع تجاهل صريح لانتهاكات حقوق الإنسان والقصف العشوائي الذي أدى إلى مقتل مئات الآلاف من المدنيين، أثار استياء العديد من النشطاء الحقوقيين الذين يرون أن موقف الجزائر يتعارض مع قيم حقوق الإنسان التي تدّعي الدفاع عنها.
صمت على القمع والتطهير
على مدار سنوات الصراع، تجاهلت الجزائر التقارير الأممية التي توثق الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية والحصار والتجويع، وبدلاً من الانضمام إلى الجهود الدولية الرامية إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، اختارت الجزائر الصمت أو التبرير.
سقوط الأسد : الورطة الجزائرية
مع سقوط نظام بشار الأسد وفرار الرئيس إلى روسيا، يجد النظام الجزائري نفسه في ورطة سياسية وأخلاقية كبيرة، فبعد سنوات من الدعم المتواصل للأسد، ستواجه الجزائر ضغوطاً دولية لتفسير موقفها من تأييد نظام متورط في جرائم حرب. كما أن سقوط الأسد سيؤدي إلى خسارة الجزائر لأحد حلفائها الإقليميين، مما قد يُضعف موقعها في المنطقة ويُعرّضها لانتقادات داخلية وخارجية حول جدوى سياساتها الخارجية ومصداقية مواقفها المعلنة تجاه القضايا الإنسانية.