افتتاحية

خطايا توفيق بوعشرين السّبع

خطايا توفيق بوعشرين السّبع

من الطبيعي أن يمر الإنسان بمتغيرات فكرية طوال مسار حياته، وقد يكتشف في كل مرة أن أفكاره السابقة كانت غير صحيحة أو مبنية على معلومات ناقصة مما يفرض عليه القيام بمراجعات فكرية دورية، هذه المراجعات هي التي تساعده على تصحيح المسار، وتفادي تكرار الأخطاء، وتنمية قدرته على التفكير النقدي كما أن الاعتراف بخطأ الأفكار السابقة ليس عيبًا، بل خطوة نحو النضج الفكري والانفتاح على آفاق جديدة من الفهم والمعرفة.

أما إن تعلق الأمر بحياة فرد منتمي لمهنة سميت مجازا بـ “مهنة المتاعب” فإن الأمر قد يبدو أكثر تعقيدا لأن الصحفي يواجه تحديات كبيرة في القيام بمراجعات فكرية، خاصة في بيئة مليئة بالمعلومات المتنوعة والمتناقضة بالنظر للضغط الزمني والمهني الذي يدفعه غالبا لنشر الأخبار أو الآراء بسرعة دون وقت كافٍ للتفكير العميق أو التحقق من صحة المعلومات إضافة إلى تشبثه بمواقف أو أفكار سابقة جراء توجهات شخصية أو بناءا على مواقف ذاتية.

لكن و مع كامل الأسى و الأسف.. فإن عالم الصحافة و الإعلام يجمع في طياته عددا لا بأس به ممن أرادوا التدثر برداء مهنة المتاعب خصوصا إذا ما افترضنا أن المتاعب صنفان .. الأول قد يكون داخلي (فوق الكنبة) و الثاني خارجي (في الميدان)، و منهم من قد  يجمع كذلك بين صفتين :  صحفي و مغتصب.. بقلمين اثنين الأول لصياغة المحتويات المكتوبة و الثاني لتفريغ المواد المكبوتة..

و على طريقة عبد القادر خراز، سنتحفظ عن ذكر اسم هذا المقصود كي لا يثور علينا توفيق بوعشرين .. و من أين لنا إخفاء اسمه و هو المشهور بجرائمه أكثر من نار على علم  مخلفا وراءه ضحايا بـ “العرام” ممن استباح أجسادهن لنفسه و عرضهن للاستغلال والتحرش.. كما فرض عليهن الإتيان بممارسات شاذة ما أتى الله بها من سلطان بصفته مدير نشر كان يفترض فيه أن يشكل قدوة في الالتزام بالقيم المهنية مع مستخدميه.

لقد عودتنا التجارب السابقة أن أول ما يقوم به الصحفي فور انتهاءه من قضاء عقوبته السجنية “المستحقة”.. محاولته الاندماج في المجتمع من جديد و التأقلم مع المتغيرات الطارئة فيه و كذا إعادة تقييم وضعه المهني و الأسري و البحث عن فرص عمل جديدة مع الاستفادة طبعا من تجربة الاعتقال و تفادي تكرار أسباب حصولها.

إلا أن توفيق بوعشرين سقط في المحظور مجددا و انصاع لجحوده و عناده متمسكا بمواقفه الساذجة و تبنى آراءا و تصورات ضيقة الأفق من شأنها إعاقة تطوره ليس إلا.

و على غرار الفيلم الأمريكي SEVEN و الذي يلعب فيه كل من براد بيت و مورغان فريمان دور البطولة و تدور قصته حول قاتل يصفي ضحاياه انطلاقا من الخطايا السبع  المشهورة  في الديانة المسيحية (الطمع، الغضب، الكسل، الشهوة، الجشع، الكبر، والحسد)، فإن بوعشرين هو الآخر سيسقط فريسة لآثامه و زلاته و ستتركه عرضة لقاتل معنوي هذه المرة و ليس بشري.

وإليكم الخطايا السبع التي ارتكبها توفيق بوعشرين مع الإحاطة بكل جانب من جوانبها و كيف يعمل هذا الأخير على تدمير نفسه بنفسه.

توفيق بوعشرين
توفيق بوعشرين

1- الغرور :

في خضم بحثه للعودة إلى الأضواء من جديد، اختار بوعشرين دخول عالم “البودكاست” ، إلا أن ما يعاب عليه رؤية نفسه في مركز الكون و أنه الحامل لمشعل تنقية الويب المغربي مما أسماه “التفاهة” مطلقا على نفسه لقب “سلطان الصحافة” الذي له الحق الحصري في تفسير الأحداث وتحليل القضايا، دون اعتبار لآراء الآخرين أو اختلاف وجهات النظر.

2- الكذب :

بوعشرين خان أيضا ميثاق الشرف الإعلامي و تحدث عن وقائع توجد فقط في مخيلته منها  حديثه عن وجود انشقاقات داخل حزب العدالة و التنمية و كذا قضية امتناع المحامي عبد الصمد الإدريسي الدفاع عنه و مؤازرته بسبب ما اعتبره ضغوطا تعرض لها، وهي المعلومات التي اضطرت معها قيادات البيجيدي و المحامي الإدريسي للخروج بتكذيبات الشيء الذي عدّه عدد من الزملاء تلاعبا بالحقيقة من طرف توفيق هدفه تحقيق مكاسب شخصية لا غير.

3- التحريف :

الانتهاكات البوعشرينية لم تتوقف عند هذا الحد، ففي إحدى حلقات برنامجه الجديد، تطاول توفيق على القرآن الكريم بتحريفه الآية التي وردت في سورة هود على لسان نبي الله شعيب مع قومه : { وما أريد أن أخالفكم إلىٰ ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } و هو ما يعكس استهتارًا بالقيم الدينية ومساسًا بمشاعر المسلمين، جاعلا نفسه في موضع المحاسبة الأخلاقية والقانونية.

4- العناد :

بعد استفادته من العفو الملكي، و عوض تقديم الشكر للمؤسسة الملكية على هذه البادرة الحسنة، تمسك بوعشرين ببراءته المزعومة، بتجسيد دور الضحية و تبنى خطابات المظلومية رغم الأدلة التي أثبتها القضاء و التي تدينه بتهم خطيرة كالاتجار في البشر والاغتصاب.

5- الغش :

الصحفي الكسول هو الذي يختار الطريق الأسهل على حساب الجودة والمصداقية، متجنبا البحث والتحقيق اللازمين لتقديم مادة إعلامية ذات قيمة و الاتكال على تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثلا كما في حالة توفيق بوعشرين الذي افتضح أمره لما اعتمد على “شات جي بي تي” في صياغة مقال عن الرئيس الأمريكي الراحل جيمي كارثر وذلك بشهادة زميله يونس مسكين.

6- الحماس :

لم يكتف رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم” السابق بدور الصحفي فقط، و إنما قاده حماسه إلى القفز على مجالات أخرى كالتحليل السياسي و العمل الدبلوماسي و الشؤون الاقتصادية بل و حتى “قراءة الفنجان”.. ومع افتقاره إلى الخبرة الضرورية و اللازمة التي تسمح له بتقديم معلومات دقيقة ومدروسة في هذه الميادين، وجد بوعشرين نفسه غارقا في مستنقع “السطحية”.

7- الشهوة :

شكلت الشهوة الجنسية المفرطة لدى توفيق بوعشرين و اغتصابه لعدد من الصحفيات و الإداريات العاملات معه، ضربة قاضية لسمعته و سمعة جريدته الورقية كما سلطت الضوء على أهمية محاسبة أي شخص مهما كان منصبه، خاصة عندما يتعلق الأمر بالاعتداءات الجنسية التي تمس كرامة الأفراد.

هكذا إذن يتبين أن توفيق بوعشرين، و بالرغم من محاولاته اليائسة لاستئناف نشاطه الإعلامي، فإنه لن يستطيع التخلص من إرث خطاياه و سيستمر أنين ضحاياه ملازمه أينما حل و ارتحل.. كما نتوقع أن يدخل مرحلة من التراجع و أفول نجوميته الزائفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى