مناضلو “الله يحسن العوان”
يعرف المناضل في الأبجديات الحقوقية بأنه ذلك الشخص الذي يسعى لتحقيق أهداف نبيلة وعادلة من خلال الكفاح المستمر والعمل الجاد، سواء في المجال السياسي، الاجتماعي، الثقافي، أو الحقوقي، وغالبًا ما يتحلى بالصبر والإصرار في مواجهة التحديات لتحقيق التغيير الإيجابي في مجتمعه أو العالم.
و في المشهد السياسي والاجتماعي المغربي، يبرز بعض الأفراد ممن يتخذون من النضال قناعًا يخفي مصالحهم الشخصية أو توجهاتهم الأيديولوجية حتى صار يُطلق عليهم “أشباه المناضلين”، إذ يظهرون بمظهر المدافعين عن القضايا العادلة، لكن مواقفهم وانتقائيتهم تكشف عن تناقضات صارخة.
و يعتمد هؤلاء النشطاء المزيفون على أسلوب منحاز في تفاعلهم مع القضايا، حيث يركزون على المواضيع التي تخدم أجنداتهم أو التي يتأكدون أنها ستثير الجدل و ستساهم في تأجيج الصراعات، بينما يتجاهلون مواضيع أخرى أكثر إلحاحًا أو تتطلب تدخلات و مواقف حاسمة.
أحمد ويحمان .. الأمازيغي المتملص من بني جلده
برز مؤخرا اسم أحمد ويحمان رئيس ما يطلق عليه “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع“، و الذي يحاول في كل خرجة أو ظهور، ربط كل المشاكل التي يعرفها المغرب بـ”الصهيونية” و تحوير النقاش بشكل متعمد قصد توريط الدولة و التشويش على قرارها السيادي بإعادة العلاقات مع إسرائيل.
آخر سقطات ويحمان و هو المعروف بتقديسه لإيران و أذنابها حماس و حزب الله، سخريته من السنة الأمازيغية و اعتبارها “مجرد خرافة”، حيث تجاوز في تصريحه هذا كل حدود الجنون، معتبرا المكون الأمازيغي المنصوص عليه في الدستور كعنصر رئيسي للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها بمثابة فكرة “صهيونية”.
تصريحات هذا الناشط “المتأسلم” ، و الذي سبق له أن اعترف أنه يثق في حسن نصر الله أكثر من ثقته في ناصر بوريطة، رأى فيها عدد من المغاربة أنها لا تساهم في بناء التعايش والتفاهم و اللحمة بين مختلف مكونات المجتمع، بقدر ما تزرع بذور الانقسام والتفرقة، كما استغرب آخرون كيف لمثل هذه الآراء أن تصدر عن شخص ذو أصول أمازيغية.
عزيز غالي .. الانفصال قبل الخبز أحيانا
مثال آخر على أولئك المنتمون لتيار المناضلين “العدميين” رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، الذي اختار التصعيد هذه المرة مفضّلاً (تحت غطاء حقوقي) تشجيع الطرح الانفصالي و التطبيل لجبهة البوليساريو في وقت تعرف فيه قضية الصحراء المغربية تطورات جد إيجابية و زخما غير مسبوق في طريقها نحو الحل النهائي و طي صفحة هذا النزاع المفتعل الذي امتد لأزيد من نصف قرن.
عزيز “المتغالي” الزائغ عن الإجماع الوطني، تطابقت تصريحاته و رؤية أعداء الوطن ممن يسعون لتقسيم المملكة و أراد العودة بنا إلى نقطة الصفر و إطالة أمد الصراع بإحياءه لمصطلحات بائدة على غرار (الشعب الصحراوي، تقرير المصير، الاستفتاء) وهو ما يعد مزايدات سياسية في قضية المغاربة الأولى لا غير.
رئيس الـ AMDH و الذي له سوابق جمة في التغريد خارج السرب أشهرها ماسمي بقضية “العطاشة” مع الأساتذة، وجد نفسه وجها لوجه مع كل المغاربة هذه المرة الذين “أدّبوه” بطريقتهم كاشفين عن قصر نظره و ضعف معلوماته التاريخية.
فؤاد عبد المومني .. عراب الإشاعات
من الحقوقيين أيضا من اعتاد اعتناق المذهب “التضليلي” أشهرهم فؤاد عبد المومني و الذي يدعي الدفاع عن المبادئ والكرامة، بينما ينقلب عليها متى تعارضت مع مصالحه الشخصية أو مع أولئك الذين سخر نفسه و منظمته للتماشي مع وجهات نظرهم.
أفعال عبد المومني غير مؤتمنة، فقد يضطر لمهاجمة الصحفيين و يصفهم بـ “الضباع” أو قد يختلس أموال جمعية اؤتمن على رئاستها، و أحيانا أخرى يمكن أن يتغاضى عن جرائم و انتهاكات أخلاقية أو مالية ارتكبها “حلفاؤه” في حق ضحايا مكسوري الجناح.
يدافع فؤاد عن أحباءه بشراسة و قوة عجيبين لدرجة تحتم عليه الاستعانة بالإشاعة أحيانا مثلما حصل في تدوينة اعتقال عزيز غالي التي نشرها مترجمة إلى 3 لغات كي تصل إلى أبعد صيت، قبل أن يكذّبه غالي بنفسه و يجبره على الاعتذار و كشف مصدره الذي لم يكن سوى فيديو في موقع يوتيوب.
تاريخ فؤاد عبد المومني مع التضليل ليس وليد اليوم، حيث عمد إلى “فبركة” صورة منسوبة لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ذائعة الصيت، بتغيير الصورة الأصلية للمقال بصورة لمشجعين مغاربة في مونديال قطر 2022، واصفا إياهم بـ”الجوعى”قبل أن يسارع لحذفها لكن بعد فوات الأوان.
المعطي منجب .. أنا منافق إذن أنا موجود
لطالما أثار المعطي منجب جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وُصف بأنه أكبر مثير للفتن و القلاقل و أعظم متناقض و متلون في المجال الحقوقي.
القاعديون القدامى يتهمونه بالخداع و تزوير وثائق لتبرئة المتهمين في قضية بنعيسى أيت الجيد، بينما اليساريون الجدد يرونه مثيرًا للمكائد يستغل المحاكمات لتحقيق مكاسب إعلامية، كما أن الوطنيون يعتبرونه غير موثوق بسبب استعانته بالجنسية الفرنسية كلما اشتدت أزماته.
يسعى منجب لتقمص أدوار متعددة دون تحقيق مصداقية أو قبول، فتارة نجده مؤرخا.. و مرة محللا سياسيا.. و تارة أخرى أكاديمي.. مما جعله معزولًا ومرفوضًا من مختلف الأطراف.
حسن بناجح .. الذئب الملتحي
في كل مرة يخرج فيها “حسن بناجح“، أحد قيادات جماعة “العدل والإحسان” المحظورة، بتصريحات أو تدوينات، يفضح نفسه ويكشف عن توجهاته العدائية تجاه وطنه، بمحاولاته البئيسة استغلال القضايا الحساسة لتوجيه سهام النقد و تسويد صورة البلاد، بالاعتماد على تحريك المشاعر الوطنية.
لقد كان لأحداث 7 أكتوبر دور هام في كشف الوجه الحقيقي للمنتمين لجماعة عبد السلام ياسين لدرجة تطاول فيها حسن بناجح ذات يوم على كل الحكام العرب حينما علق على صورة تجمع غالبيتهم بعبارة “الله يمسخكم” وذلك على هامش انعقاد القمة العربية الإفريقية، في موقف يبين حجم الانحطاط و الدونية التي بلغها “عميل” السفارة الأمريكية السابق.
ما لا يريد بناجح استساغته أنه عضو في جماعة صارت مشهورة بالفضائح الجنسية، ناهيك عن صمت القيادة عن هذه الفضائح وتجاهلها و هو ما يعد ضعفا في مواجهة الأزمات الداخلية وتكريس لثقافة التستر على الانتهاكات في وقت كانت تروج فيه لنفسها أنها حاملة شعارات الفضيلة والنزاهة و الدين.
في الختام، يمكن القول إن الساحة السياسية في المغرب أصبحت شبه خالية من المناضلين الحقيقيين الذين يحملون هموم الوطن والمواطنين، بل أضحت مليئة بأقزام سياسيين لا يملكون من الشجاعة والقدرة ما يؤهلهم للوقوف أمام تحديات العصر.
هؤلاء “المناضلون” الذين يظهرون في المشهد اليوم ليسوا سوى بهلوانات يتقلبون على مسارح الحيلة والشعارات الرنانة، يمارسون ترفًا من التظاهر بالوطنية، بينما هم بعيدون كل البعد عن ملامسة واقع الناس وآلامهم لا يقدمون شيئًا ملموسًا سوى الضجيج الفارغ والمزايدات العابثة.