الديستي و لادجيد .. شوكة في حلق الناقمين عن الوطن
ونحن نتابع باستغراب الهجوم الكبير الذي يشنه بعض “المساخيط” ضد المؤسسات الأمنية المغربية و بالتحديد جهازي الديستي و لادجيد، يتبادر إلى ذهننا سؤال ظل لسنوات يؤرق بال عدد من المتابعين و المهتمين بالشأن الوطني و يتردد في أذهانهم.. ما هو السبب الرئيسي و الدافع المحوري الذي جعل من هؤلاء “العٌصاة” يتطاولون على أجهزتنا الأمنية و قائديها ؟
وفي محاولة جادة وعميقة لفهم ولو جزء يسير من الحيثيات والتفاصيل التي تحيط بهذا الموضوع، لا بد من العودة بالذاكرة إلى الوراء والنظر بتمعن في ماضي كل من تجرأ وخرج عن المألوف ليطلق العنان للسانه بالنباح في وجه رجال أوفياء صدقوا الله ما عاهدوه عليه، ممن بذلوا الغالي والنفيس وأخلصوا في عملهم حتى أصبحوا نموذجًا يحتذى به ومثالاً حيًّا للتفاني في أداء الواجب و حب الوطن و مرجعية ثابتة ومعترفًا بها في الذود عن المملكة المغربية والحرص على رفعتها و تشريفها في كل المحافل الدولية.
ولعل القاسم المشترك الأبرز بين جميع أولئك الذين يتجرأون دون خجل أو وازع أخلاقي على التمادي في الإساءة إلى “أسيادهم”، ويطلقون العنان لألسنتهم لتوزيع أقدح النعوت والتهم دون دليل أو منطق، هو شعورهم العميق بالحرمان من ريع مادي كانوا يطمحون إليه، أو مصلحة شخصية كانوا يسعون إلى تحقيقها، أو حتى مآرب عائلية ضيقة لا تستند إلى أي حق مشروع أو سند قانوني. وكأنما يحاولون -بأسلوبهم المبتذل- إقناع المغاربة بأنهم ينتمون إلى “شعب الله المختار”، شعب يتصورون أنه فوق القانون ولا تسري عليه قوانين البلاد ولا أحكامها، متجاهلين بذلك الأعراف والتقاليد التي تحكم الجميع دون استثناء، وكأنهم يريدون وضع أنفسهم في منزلة أعلى من باقي المواطنين، منزلة تخول لهم استباحة كل شيء دون رقيب أو حسيب.
ومن حسن حظنا، بل ومن فضل الله علينا، أن هذه الفئة “الجاهلة” التي لا تتقن سوى التشويش ونشر الفتن لا تمثل إلا قلة قليلة لا تكاد تُذكر، وإلا لو كان الأمر على خلاف ذلك -لا قدّر الله- لكان الخطر أشد وأعظم، حيث يمكن أن ينساق وراءها الناس من فرط الهشاشة الاجتماعية التي تعصف بالعديد من الفئات، ومن ضعف الوعي العام الذي بات واضحًا بشكل مقلق، لا سيما في أوساط مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي. هذه المواقع التي أصبحت أرضًا خصبة اتخذها “أصحاب دعوتنا” كمنصة للترويج لأفكارهم المشبوهة والملغومة، مستغلين سذاجة البعض وقلة الوعي لدى الكثيرين، مما يجعلهم أكثر عرضة لتصديق الأكاذيب والانجرار وراء الأوهام التي يسعون لزرعها خدمة لأجنداتهم وأهدافهم.
المؤسسات الأمنية الوطنية لها وظيفة حيوية في حماية الوطن من التهديدات الداخلية والخارجية، حيث تتولى مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار و مراقبة الأنشطة المشبوهة وتطبيق القوانين.
المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي)
فعلى المستوى الداخلي، تلعب الديستي (المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني) التي يشرف عليها عبد اللطيف حموشي دورًا حيويًا في تعزيز الأمن والاستقرار داخل المغرب. حيث تعمل على التصدي للتهديدات الأمنية المحتملة، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة، ومراقبة الأنشطة التي تهدد النظام العام.
من جانب آخر تضطلع الديستي بمهام محاربة الاتجار بالمخدرات والأسلحة، ومواجهة شبكات تهريب البشر التي تنشط عبر الحدود. وذلك بتنسيق وثيق مع أجهزة أمنية أخرى لضمان سرعة التحرك ومواجهة أي تهديد داخلي.
المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد)
أما المخابرات الخارجية المعروفة بـ “لادجيد” و التي يرأسها محمد ياسين المنصوري، فقد كانت بدورها حاضرة في المشهد الأمني الوطني و علاقته بالجريمة العابرة للحدود كالتجسس و التهديدات السيبرانية كما ساهمت في عمليات مشتركة مع دول أخرى آخرها إطلاق سراح رهائن فرنسيين في بوركينا فاصو وهي العملية التي لم يستطع أي بلد إفريقي القيام بها، مما يبين الشأن العالي الذي صار يميز المغرب قاريا و دوليا، كما يزيد بدوره من عدد ” الحساد” لدرجة أن دولة مجاورة و تجسيدا للمثل القائل “دير ما دار جارك ولا حول باب دارك”. قامت بحبك سيناريو لا يمكن وصفه سوى بـ “الهزلي” يزعم تحرير مواطن إسباني من قبضة المليشيات الإرهابية في مالي بعدما اختطف سابقا من أراضيها، و ذلك حتى يوجهوا أنظار الرأي العام المحلي و هو يشاهد الاحتفاء الفرنسي بالمغرب و أجهزته الاستخباراتية.
إجمالاً، فمن المؤكد أن حماية المجتمعات والحفاظ على استقرارها يبدأ بصيانة رموزها ومؤسساتها التي تُعدّ العمود الفقري لأي نهضة حقيقية أو تطور مستدام. كما أن احترام الرموز الوطنية والمؤسسات ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو شرط أساسي لاستمرار البناء والتنمية. فالمجتمعات التي تهتز ثقتها في رموزها ومؤسساتها تصبح عرضة للتفكك والانهيار، لأنها تفقد البوصلة التي توجهها نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.