افتتاحية

هشام جيراندو.. مزيج من العقد النفسية و الاضطرابات الذهنية

من يعرف هشام جيراندو، سواء كان ذلك عبر معرفة شخصية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي كـ “التيكتوك” مثلا، سيكتشف بلا شك أنه شخص غير سوي على الإطلاق، فالظهور الذي يعكسه جيراندو، من خلال تصرفاته أو سلوكه العام، ينم عن خلل واضح في شخصيته وأفكاره، كما أن المتابع لمنشوراته أو مقاطعه، سيلاحظ أن الرجل يعرض جوانب من حياته تحمل في طياتها سلوكيات مشوهة وغير منطقية.

و بين التعطش لابتزاز الأشخاص و لعب دور الضحية زيادة على ادعاء التعرض للسحر، تثار العديد من التساؤلات حول استقرار حالة جيراندو النفسية والعقلية.

في الواقع، أصبح جيراندو ظاهرة مرضية لا يمكننا تجاهلها، وتستحق بالفعل دراسة معمقة وواعية للأسباب النفسية التي أدت إلى تدهور شخصيته بهذا الشكل، إذ بمجرد الاضطلاع على سيرة حياته، يتبين لنا أنها ملآى بالتجاوزات والجرائم  والتي تسببت في تراكم العديد من الاضطرابات النفسية والعقد السيكولوجية التي قد تكون وراء سلوكاته المشينة.

عقب ذلك، فإن هشام جيراندو لم يقتصر على إلحاق الأذى بنفسه فحسب، بل ذهب أبعد من ذلك، حيث سحب معه أفراداً من عائلته إلى مستنقعه الموحل والمليء بالفساد في مسعى يائس للهرب من تداعيات أفعاله دافعا بأحبائه إلى هاوية من الفوضى و الفساد التي كان هو نفسه غارقًا فيها، ليحول حياتهم إلى سلسلة من المشكلات والصراعات كانت نتيجة مباشرة لتصرفاته غير المسؤولة.

و من جملة العلل النفسية التي يختزنها كيان هذا الضال و التي تعري سلوكه المتهور والشاذ و تعكس اختلالًا عميقًا في بنيته النفسية نذكر :

  • اضطراب الأنا المتضخمة Narcissisme 

و يعرّفه الأخصائيون بأنه حالة نفسية يتميز فيها الفرد بشعور مفرط بالأهمية الذاتية، وحاجة ماسة إلى الإعجاب والاهتمام من الآخرين.

فبالنسبة لهشام جيراندو، يبدو أنه يعاني من هذه السمات بشكل واضح. فقد ظل طوال فترة طويلة يبحث عن الظهور والتقدير تحت غطاء “محاربة الفساد”، لكنه اختار طرقًا غير مشروعة لتحقيق ذلك بمهاجمة المؤسسات الوطنية و رموز الدولة، بل ذهب حد استغلال الغير للحصول على المصداقية و الاعتراف والقيمة.

  • عقدة الدونية Complexe d’infériorité   

و هي شعور الإنسان بالنقص أو العجز العضوي أو النفسي أو الاجتماعي بطريقة تؤثر على سلوكه، مما يدفع بعض الحالات إلى التجاوز بالتعصب والانكفاء والجريمة في حالات أخرى.

و تتجسد عقدة النقص لدى هشام جيراندو بشكل واضح في مسعاه لإظهار تفوقه على الآخرين، لا سيما عندما أخرج جواز سفر كندي في محاولة بئيسة للتفاخر على المغاربة، كنوع من التعويض النفسي عن تلك العقدة التي يشعر بها.

 الباسبور الأزرق في نظر جيراندو، يعد رمزًا للمكانة الاجتماعية والاعتراف الرسمي من دولة غربية، وبالتالي فإنه يعتقد أن امتلاكه له يمكن أن يمنحه شعورًا بالتميز والعلو على من حوله.

  • انفصام الشخصية schizophrénie

وهي من بين الاختلالات النفسية التي يعاني منها جيراندو بدليل التناقض الصارخ في مواقفه و التضارب المهول في خطاباته ناهيك عن التشويش الكبير في التفكير والعواطف والسلوك الذي يظهر في خرجاته.

جيراندو دخل عالم “السوشيال ميديا” تحت ذريعة الحديث عن تجربة نجاح في مجال “البزنس” قبل أن يحول البوصلة    لـ “النضال الإلكتروني” و التشهير بالمسؤولين الأمنيين و القضائيين و السياسيين، فضلا عن الإساءة المباشرة للمؤسسة الملكية.

سقوط جيراندو في شراك “السكيزوفرينيا” يتجسد في تراجعه عن بعض المواقف و اللين في مواقف أخرى طلبا للمال تارة و طمعا في إسقاط متابعاته القضائية تارة أخرى.

  • هوس الكذب Mythomanie

يعاني نصّاب كندا كذلك من اضطراب يسمى “الكذب المرضي” و هي علة نفسية تدفع صاحبها لقول الأكاذيب و الكلام المغلوط بدون سبب فقط لجعل نفسه “بطلا” أو لغاية كسب التعاطف و القبول الاجتماعي.

و يمكن رصد هذا العطب النفسي لدى جيراندو عبر مختلف الفيديوهات التي يسهر على نشرها و التي تحمل عناوين مثل “الملكية في خطر”.. “انقلاب صامت بالمغرب”.. “الملك يتعرض للسحر الأسود”.. و غيرها من الشائعات التي يتغيى بها جيراندو استهداف الرابط المتين الذي يجمع المغاربة بملكهم.

باختصار، و قبل بداية العد التنازلي لسقوطه الأخير، من الضروري أن يسارع هشام جيراندو لزيارة الطبيب النفسي قصد تشخيص اضطراباته النفسية و العمل على معالجتها لأن ما ينتظره في الأيام القادمة لن يكون فيه شيء سوى العزلة و الوحدة.

مشاهدة المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى