أخبار المغرب

تعزية العدل والإحسان لـ”النصارى” في وفاة بابا الكنيسة الكاثوليكية تثير جدلا واسعا

أثارت تعزية جماعة العدل والإحسان في وفاة بابا الفاتيكان فرنسيس، موجة جدل واسعة بين متابعين للشأن الديني والسياسي في المغرب، وبين من يعتبرون هذه الخطوة انفتاحا حضاريا وموقفا إنسانيا نبيلا، ومن يرون فيها خروجا غير مبرر عن الثوابت العقدية للأمة الإسلامية.

وعبرت العدل والإحسان في بيان صادر عن مكتب العلاقات الخارجية للجماعة، عن “تعازيها الحارة إلى الكنيسة الكاثوليكية وإلى عموم النصارى في العالم” إثر وفاة البابا فرنسيس، مشيدة بما وصفته بـ”مكانته كرمز ديني عالمي بارز، عرف بدعواته للسلم والرحمة، وبدعمه للقضايا الإنسانية العادلة، وعلى رأسها قضية المستضعفين”، مذكرة في هذا السياق بموقفه الأخير الداعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لسكانه.

واختتم البيان، الذي لم يخل من لغة وجدانية وإنسانية، بتأكيد الجماعة أن موقفها يأتي “من منطلق قيم الإسلام في التعاطف الإنساني والاحترام المتبادل”، داعية إلى “التعايش على أساس الكرامة والتراحم الإنساني والعدل الدولي”، وهو ما اعتبره البعض إشارة إلى تحول في خطاب الجماعة نحو مزيد من الانفتاح على الآخر الديني، بل واعترافا برمزية بابا الكنيسة الكاثوليكية في السياق العالمي.

غير أن هذه الخطوة، وإن لقيت إشادة من بعض المثقفين والمدافعين عن الحوار بين الأديان، لم تمر دون انتقادات لاذعة من أطراف محسوبة على التيار السلفي، وحتى من داخل الصف الإسلامي نفسه، حيث اعتبرها بعض المنتقدين “تجاوزا للخطوط الحمراء”، و”تطبيعا عاطفيا مع رموز دينية تخالف عقيدة المسلمين”، كما ذهب البعض إلى اتهام الجماعة بـ”التودد الإعلامي على حساب المبادئ العقدية”.

في المقابل، يرى آخرون أن الجماعة لم تخرج عن سياق تعاليم الإسلام التي تدعو إلى الإحسان والبر في التعامل مع غير المسلمين، وخاصة عند المصاب، مستشهدين بمواقف نبوية سابقة تؤسس لمثل هذا السلوك الحضاري، كما يؤكدون أن الخطاب الذي جاء في التعزية لا يحمل أي طابع ديني عقدي، وإنما يندرج في سياق إنساني عام، خاصة أن البابا الراحل كان من أبرز المناصرين للقضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة.

ولم تكن تعزية العدل والإحسان في وفاة بابا الفاتيكان، مجرد موقف رمزي، بل تحولت إلى مادة خلافية كشفت مجددا التباين العميق في التأويلات الدينية داخل الساحة الإسلامية المغربية، بين من يتبنى قراءة منفتحة إنسانيا، ومن يصر على التشبث الحرفي بالتقليد الفقهي، حيث وبين هذا وذاك، تبقى الجماعة وفية لخطها الدعوي السياسي، بمزجه المثير بين المرجعية الإسلامية واللغة الإنسانية، في مشهد يعكس تعقيدات التموقع داخل المجال الديني والسياسي في المغرب.

مشاهدة المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى