في إجراء عدائي جديد .. هل تعلن الجزائر الحرب على مالي ؟

في خطوة أثارت قلقًا إقليميًا واعتُبرت بمثابة إعلان حرب غير مباشر، كشف المعارض والباحث في الشأن المغاربي، وليد كبير، عن تحضير الجيش الجزائري لعملية عسكرية داخل التراب المالي، وتحديدًا في شمال البلاد، بتنسيق ميداني مع حركة الأزواد المسلحة، وهي العملية التي تهدف، وفق ذات المصدر، إلى إنشاء منطقة عازلة بعمق يصل إلى مئة كيلومتر على طول الحدود الجنوبية للجزائر، لمنع الجيش المالي من الاقتراب من الخط الحدودي، وهو ما اعتبره كبير “خطوة مجنونة وإعلان حرب على دولة ذات سيادة”، في وقت تعيش فيه منطقة الساحل توترًا أمنيًا متزايدًا وتناميًا لنفوذ الجماعات المسلحة.
وجاء هذا التطور الجديد متزامنًا مع إعلان السلطات الجزائرية حالة الطوارئ القصوى، في اجتماع طارئ مشترك للمجلس الرئاسي والحكومي، مساء أمس، تم خلاله اتخاذ إجراءات غير مسبوقة، شملت تفعيل التجنيد الإجباري، واستدعاء الآلاف من جنود الجيش المتقاعدين ممن لا يزالون قادرين على حمل السلاح ويتمتعون باللياقة البدنية.
وقد عمّقت هذه التعبئة العسكرية المفاجئة من المخاوف بشأن نوايا النظام الجزائري، الذي يبدو أنه يسير في اتجاه تصعيد خطير، قد يخرج الأوضاع عن السيطرة، في واحدة من أكثر المناطق هشاشة في القارة الإفريقية
وتطرح تحركات الجيش الجزائري، وإن غُلّفت بشعارات الأمن القومي والدفاع عن السيادة، تساؤلات كبيرة حول نوايا النظام العسكري الحاكم في الجزائر، خصوصًا في ظل انسحاب فرنسا من مالي وتراجع النفوذ الغربي، ما فتح المجال أمام قوى إقليمية لإعادة رسم التوازنات في منطقة الساحل. كما أن التنسيق مع حركة الأزواد المسلحة، المصنفة ضمن التنظيمات المتمردة، يُعد خرقًا صريحًا للأعراف الدبلوماسية ويقوض جهود الوساطة الإقليمية والدولية لإعادة الاستقرار إلى مالي.
وباتت الجزائر، التي دأبت على تقديم نفسها كوسيط في أزمات الساحل، اليوم، طرفًا مباشرًا في النزاع، في صورة تُكرّس ازدواجية الخطاب وتُعري حقيقة طموحاتها التوسعية في الجوار الجنوبي، حيث تغيب السلطة المركزية المالية وتتفكك مؤسسات الدولة، ما يجعل هذه الخطوة، وإن كانت تُمرّر تحت ذرائع الأمن، فإن حقيقتها، كما يرى كثيرون، محاولة لبسط نفوذ عسكري مباشر على أجزاء من الأراضي المالية، ما قد يشعل حربًا جديدة في منطقة لم تندمل فيها بعد جراح الحروب السابقة.
ولا توحي المؤشرات القادمة من قصر المرادية بحكمة أو تعقّل، بل توحي بجنون العظمة الذي أصاب جنرالات الجزائر، الذين يبدو أنهم يستثمرون في الحروب والصراعات الخارجية كلما اشتدّ الخناق داخليًا. ففي ظل أزمة اقتصادية خانقة، واحتقان شعبي يتصاعد في صمت، ومؤسسات منهكة بفعل الفساد والانغلاق، يسعى النظام إلى تصدير أزماته نحو الخارج، وهذه المرة عبر بوابة مالي، غير أن الثمن قد يكون باهظًا، ليس فقط على مالي، بل على الجزائر نفسها، التي قد تجد نفسها في مستنقع لا مخرج منه، وسط تغيرات جيواستراتيجية متسارعة لا ترحم المغامرين.