زاوية الرأي

حملة التشكيك في المؤسسات الأمنية المغربية: أبعاد مغرضة في غياب الأدلة

شهدت الأيام الأخيرة حملة ممنهجة تستهدف المؤسسات الأمنية المغربية، يقودها عدد من الشخصيات المعروفة بمواقفها المعارضة أو المتوترة مع الدولة، من بينهم هشام علوي، الصحافيون سليمان الريسوني، الحسين المجدوبي، وعلي المرابط، وآخرون أمثال فؤاد عبد المومني وهشام جيراندو وغيرهم بالإضافة إلى صحافيين إسبان مثل إغناسيو سمبريرو وفرانسيسكو كاريون، بالإضافة إلى صحافيين فرنسيين من شاكلة كريستوف أياد وفريدريك بوبان العاملان بجريدة “لوموند”.

هذه الحملة، التي ترتكز على الترويج لوجود صراع داخلي بين الأجهزة الأمنية المغربية، تفتقر إلى أي سند واقعي أو أدلة ملموسة تدعم المزاعم التي يتم تداولها في بعض المنابر الإعلامية أو على شبكات التواصل الاجتماعي. فرغم الترويج الكثيف لهذه الادعاءات، لم تصدر أي تصريحات رسمية، ولم تُقدم وثائق أو شهادات موثوقة تثبت ما يُدعى، وهو ما يجعل من هذه الحملة مجرد محاولة فاشلة جديدة لتشويه صورة مؤسسات الدولة، خصوصًا في جانبها الأمني الحساس.

وتكمن خطورة مثل هذه الحملات في تأثيرها المحتمل على ثقة المواطنين بمؤسساتهم الأمنية، إذ أن نشر الشكوك حول تماسك الأجهزة الأمنية يفتح المجال أمام خطاب التيئيس، ويخلق حالة من الارتباك داخل الرأي العام. كما أن الإصرار على تصوير المؤسسات الأمنية وكأنها تعيش صراعات داخلية، دون تقديم ما يثبت ذلك، يندرج ضمن ما يمكن تسميته بـ”حرب نفسية”، الغاية منها إضعاف الجبهة الداخلية، والتشويش على الجهود الوطنية في مجال الأمن والاستقرار.

من جهة، إن حملة التشكيك في الأجهزة الأمنية المغربية، رغم ما تحاول أن توهم به الرأي العام، لا تعدو أن تكون محاولة مكشوفة لضرب استقرار البلاد من بوابة المؤسسات الأمنية. وفي غياب أي أدلة ملموسة، تبقى هذه الادعاءات مجرد ضجيج إعلامي، لا يصمد أمام واقع المؤسسات الأمنية المغربية التي أثبتت، بالأرقام والنتائج، أنها من بين الأكثر فاعلية وانضباطًا في المنطقة. والمطلوب اليوم هو تعزيز ثقة المواطن في هذه المؤسسات، والاستمرار في دعم جهودها، بدل الوقوع في فخ الشائعات التي لا تخدم سوى أعداء الاستقرار.

من جهة أخرى، يطرح هذا الوضع تحديًا على الإعلام الوطني، الذي يُنتظر منه أن يضطلع بدوره في التصدي لمثل هذه الادعاءات، عبر التحري، والتدقيق، ومواجهة الخطاب المغرض بالحقائق الموثقة. فالإعلام الجاد والمسؤول لا يمكن أن ينخرط في ترويج أخبار تمس الأمن القومي، دون التأكد من مصادرها، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمؤسسات تعتبر الركيزة الأساسية في حماية الدولة والمجتمع.

في المقابل، تواصل الأجهزة الأمنية المغربية تسجيل نجاحات ملحوظة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أصبحت المملكة شريكًا استراتيجيًا لعدد من القوى الدولية في مجالات مكافحة الإرهاب، الجريمة المنظمة، والهجرة غير النظامية. فقد تمكنت المصالح الأمنية المغربية من تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، بعضها كان يخطط لتنفيذ عمليات خطيرة داخل البلاد وخارجها، وهو ما أكسب المغرب احترامًا واسعًا من دول كبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا وبريطانيا، التي أشادت مرارًا بالمهنية العالية التي تميز عمل ومهنية الأمن المغربي. كما أن التعاون الأمني والاستخباراتي بين الرباط وهذه الدول أسهم في إحباط تهديدات إرهابية حقيقية، ليس فقط على الأراضي المغربية، بل أيضًا في أوروبا.

غير أن هذه النجاحات يبدو أنها لا ترضي بعض الجهات، التي ترى في تماسك الأجهزة الأمنية المغربية واستقلالية قرارها تهديدًا لمشاريعها السياسية أو الإعلامية. وهو ما يفسر هذا النوع من الحملات التي تُبنى على إشاعات أو تأويلات متعسفة لوقائع لا علاقة لها بأي صراع داخلي. من الملاحظ أن هذه الادعاءات غالبًا ما تأتي في فترات تعرف فيها الدولة المغربية دينامية أمنية ودبلوماسية قوية، ما يعزز فرضية أن هذه الحملة ليست بريئة، بل تقف وراءها أطراف تُحركها دوافع سياسية أو أجندات خارجية، تسعى إلى النيل من استقرار المغرب ومكانته المتقدمة في محيطه الإقليمي والدولي.

ختاما، فإن الادعاء بوجود صراعات بين عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني والديستي والمستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، أو بين حموشي وياسين المنصوري، المدير العالم لــ”لا دجيد”، هي مجرد أفلام من وحي الخيال ولا تستند إلى أي دلائل ملموسة من الواقع. بعبارة أخرى، هي مجرد رواية مشروخة من روايات العدميين، التي تحاول من خلالها تصوير وإعطاء الإنطباع عن وجود انقسامات داخل هرم الدولة، بل لا تعدو أن تكون محاولة جديدة وفاشلة لإشعال فتيل الفتنة وإثارة القلق بين صفوف المواطنين. فالمؤسسات المغربية المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، تعمل بانسجام وتناغم لخدمة الوطن والمواطنين، بعيدا عن هذه الأوهام التي يروجها أصحاب الأقلام المأجورة.

مشاهدة المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى