كنان مترجي : “الإخوان وفخ الأزمات… نقد محاولات زعزعة الاستقرار السياسي في المغرب”

في سياق يفترض أن يكون الالتزام بالديمقراطية ومؤسساتها هو الأساس، يبرز التيار الإخواني، ممثلا في شخصيات مثل عبد الإله بن كيران وتوفيق بوعشرين ويونس مسكين، في محاولات للضغط على المؤسسة الملكية للتدخل في المشهد السياسي. هذه الدعوات، التي تتخفى وراء شعارات الإصلاح والديمقراطية في احتجاجات “جيل زد”، تكشف عن تناقضات جوهرية وأهداف تتجاوز إسقاط الحكومة إلى محاولة إضعاف الاستقرار السياسي في المغرب.
تجاهل الآليات الديمقراطية: سؤال المصداقية
لماذا الهروب من البرلمان؟
في الأنظمة الديمقراطية، يُعد ملتمس الرقابة البرلماني الآلية الدستورية المثلى للتعبير عن إرادة الشعب في تغيير الحكومة. تجارب دول مثل فرنسا تؤكد أن هذا المسار يعكس إرادة الناخبين عبر ممثليهم المنتخبين. فلماذا يتجنب بن كيران وأنصاره هذا الخيار، مفضلين الدعوة إلى تدخل ملكي مباشر؟ إن هذا التجاهل المتعمد يكشف عن انعدام الثقة في قدرتهم على حشد الدعم الشعبي أو البرلماني، ويعكس محاولة للالتفاف على المؤسسات الدستورية.
تناقض الخطاب: الديمقراطية كواجهة
شعارات جوفاء وممارسات متناقضة
يدّعي بنكيران وبوعشرين ومسكين الدفاع عن مبادئ الديمقراطية، الملكية البرلمانية، وفصل السلطات. لكن مطالبهم بتدخل الملك لإسقاط الحكومة تناقض هذه الشعارات بشكل صارخ. كيف يمكن لمن يروّج لربط المسؤولية بالمحاسبة الشعبية أن يسعى إلى تجاوز البرلمان والضغط على المؤسسة الملكية؟ هذا التناقض ليس مجرد خطأ سياسي، بل دليل على انتهازية تهدف إلى استغلال رمزية الملكية لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.
أجندة مشبوهة: استهداف الاستقرار الوطني
رسائل مضللة للخارج
تصاعدت حدة الخطاب الإخواني منذ قرار إلغاء دعم أضحية العيد في مارس، بالتزامن مع تسربيات حول قضايا مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS). لكن الهدف الحقيقي لهذه الحملات لم يكن إسقاط الحكومة بقدر ما كان محاولة إيصال رسائل إلى المجتمع الدولي تفيد بوجود اضطرابات سياسية في المغرب. هذه الرسائل تتسق مع مصالح جهات دولية تسعى لإبقاء قضية الصحراء المغربية معلقة، عبر تصوير المغرب في مجلس الأمن كدولة تعاني من عدم الاستقرار، مما يضعف قدرته على تنزيل مقترح الحكم الذاتي.
خطاب العرش: رد حاسم على دعاة الأزمة
تأكيد على الاستقرار والمسار الديمقراطي
في خطاب العرش، أكد الملك محمد السادس التزام المغرب بإجراء الانتخابات في موعدها، رافضًا الانجرار إلى فخ دعوات التدخل. كما سلط الضوء على قضية الفوارق الاجتماعية، مشيرا إلى “مغرب السرعتين”، في إشارة واضحة إلى وعيه بمحاولات استغلال هذه التحديات لخلق أزمات سياسية. هذا الخطاب أحبط رهانات التيار الإخواني وأذرعه الإعلامية التي حاولت تصوير البلاد على حافة الانهيار.
البرلمان: المسار الشرعي للتغيير.. ملتمس الرقابة كحل ديمقراطي
إذا كان هناك إجماع وطني على ضرورة تغيير الحكومة، فإن الطريق الشرعي يكمن في تقديم ملتمس رقابة برلماني. هذا المسار يعكس إرادة الشعب عبر ممثليه المنتخبين، ويحافظ على استقلالية المؤسسات. أما الدعوات المتكررة لتدخل الملك، خاصة على بعد أيام من الخطاب الملكي السنوي لافتتاح الدورة البرلمانية، فهي محاولات غير مسؤولة لخلق أزمة مصطنعة تهدف إلى إحراج المؤسسة الملكية واستغلالها في معارك سياسية.
دعوة إلى المسؤولية الوطنية
محاولات التيار الإخواني، بقيادة بن كيران وبوعشرين ومسكين، للضغط على المؤسسة الملكية تكشف عن أجندة تهدف إلى زعزعة الاستقرار السياسي في المغرب. الديمقراطية الحقيقية تتطلب احترام المؤسسات الدستورية واللجوء إلى البرلمان كفضاء للتغيير، وليس استغلال رمزية الملكية لتحقيق أهداف حزبية. المغرب بحاجة إلى وحدة وطنية تعزز مكانته الدولية، وليس إلى خطابات أزمة تخدم مصالح خارجية وتضر بالمصلحة العليا للوطن.