زاوية الرأي

عندما تتكالب بعض الأصوات من دول عربية لمهاجمة المغرب والتحريض على الشغب

غريب أمر بعض الأشخاص من جنسيات عربية، يقولون أنهم يحبون المغرب وفي أنفسهم يكنون حقدا دفينا للمملكة المغربية. يخرجون في عالم التواصل الاجتماعي لصب جم غضبهم على السياسة المغربية، وكأن المخزن والنظام الملكي المغربي من شتت بلدانهم ودمر أنظمتهم وأشعل فتيل الحروب فيها…

الآن يوجهون سهامهم نحو المغرب، مستغلين خروج مجموعة GenZ212 للاحتجاج من أجل التحريض والدعوة إلى استمرار الوقفات، بل في بعض الأحيان يدعون، وبدون وجه حق، إلى تحويل الاحتجاج السلمي إلى مواجهة مع السلطات الأمنية.

من بين هذه الأصوات القادمة من خارج بلدنا والتي لا تقدم دعمًا بقدر ما تقدم وصفةً خطرة، تغذي الانقسام وتنعش خطاب المواجهة بدوافع أيديولوجية، استحضر ثلاث أشخاص وهم المصريين أحمد عبد العزيز وعمر واكد، واليمنية توكل كرمان. 

أحمد عبد العزيز، الذي كان يشغل منصب المستشار الإعلامي السابق في فريق الرئيس المصري السابق محمد مرسي، سمح لنفسه الإخونجية بنصح الشباب المغربي “لا ترشحوا أحداً للتفاوض مع السلطة… ولا تتوقفوا عن الخروج اليومي”. فعلى السطح قد يبدو هذا نصحا تضامنيا، وفي العمق هو دعوة تغلق أمام الحوار أبوابًا مهمة وتحوّل التعبير السلمي إلى منوال دائم من الصدام.

المغرب ليس مسرحا لتكرار تجارب فاشلة عاشتها دول أخرى كمصر، وهو شخصيا كان شاهدا على كل ما وقع. فمؤسسات المغرب تعمل ضمن دستور واضح، والملكية تسير في إطار إصلاحي، والمجتمع المدني يملك آليات للمطالبة والتأثير تختلف جذريا عن سياقات أخرى. لذلك لا يجوز اختيار وصفات جاهزة تُطبّق على واقع سياسي واجتماعي مختلف الجذور والمرتكزات خاصة لملكية تعتبر ثاني أقدم نظام مازال قائما بعد الإمبراطورية اليابانية، أي ما يزيد عن 12 قرنا من الوجود. 

أما المصري الثاني فهو الممثل عمر واكد. غادر مصر بعد ثورة يناير 2011، صدرت في حقه أحكام غيابية بالسجن بتهم نشر أخبار كاذبة وإهانة مؤسسات الدولة في قضيتين عسكريتين، والآن احترف التغريد التحريضي. فقبل أيام نشر واحدة يقول فيها إن المواجهة اشتعلت في المغرب. فأنت قبل الحديث عن المغرب وأوضاعه، إن وجدت خيرا في بلك، لما كنت لترحل.

أما الشخص الثالث فهي توكل كرمان، اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وفي الحقيقة هي من بين مسؤولين عن خراب اليمن. هذه الإخونجية أو كما يصفها أهل اليمن بــــ”الشرموطة” خرجت لتقول بكل وقاحة أن المظاهرات في المغرب وصلت إلى باب القصر الملكي في الرباط، وهذا كله كذب وافتراء. هل كرمان سعيدة بالسلام، لا أتحدث عن جائزتها، الذي تعيشه اليمن ؟

الدوافع وراء مثل هذه التصريحات أو النصائح لا تبدو محايدة: فبينما يُروّج أصحابها لصيغة مواجهة لا للتفاوض أو اشتعلت والناس وصلت للقصر، فإنهم في الوقت نفسه قد يسعون إلى إضعاف جسور الثقة بين المواطنين والدولة، وإعادة بث أفكار زعزعة الاستقرار باسم الاحتجاجات. وهذا ليس دفاعًا عن الوضع الراهن قبل كل شيء، بل رفضٌ لتدابير عقلانية للحوار والتحرك المدني البنّاء.

الشباب المغربي يعرف كيف يطالب بحقوقه، ويعرف حدود القوة وسبل النضال التي تحفظ المكتسبات وتفتح آفاق الإصلاح. الرهان على التصعيد المستمر يحمل مخاطر حقيقية ليس أقلها تحويل السعي إلى تغيير إلى بؤر توتر تُستغل من أطراف خارجية. من يريد نصيحة، فليبدأ بالإصلاح الداخلي في بلده أولًا قبل أن يَصدّر مخططات قد تُجرح بلدانًا أخرى.

الدولة المغربية لم تُغلق الأبواب، ولم تتحول حلولها إلى عنف سافر، بل اتسمت تعاملاتها بالانضباط والبحث عن التوازن. قوة الوطن في تماسكه، وفي قدرة مواطنيه على النقد من داخل البيت الوطني لا من منصات الخارج. الولاء للمؤسسات والوعي الوطني ليسا عائقًا أمام المطالبة بالحقوق، بل هما الضمانة التي تحول المطالب إلى إنجازات مستدامة.

مشاهدة المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى