التلاعب بلوائح مؤتمر جبهة البوليساريو يزيد الاحتقان في مخيمات تندوف
تزايدت حدة الصراع السياسي بين قيادات جبهة البوليساريو المتصارعة على “زعامة الانفصاليين” أياما قبل انعقاد ما يسمى بالمؤتمر الداخلي، حيث اشتكى المرشحون لهذا المنصب من أساليب التلاعب التي يقوم بها إبراهيم غالي لضمان ولاية جديدة في السنوات المقبلة.
وأقدم إبراهيم غالي، بمخيمات تندوف، على توزيع دفعة من السيارات رباعية الدفع على عدد من أتباعه لضمان الولاءات القبلية، خاصة أنه استهدف القبيلة الموالية لمنافسه البشير مصطفى السيد؛ وهو ما تسبب في غضب هذا القيادي، الذي انتقد الممارسات المنتهجة من لدن غالي قبل حلول المؤتمر.
كما تلاعب زعيم جبهة البوليساريو بقوائم المؤتمرين من خلال زجه بأسماء من قبيلته في لائحة المصوتين، في مقابل حذفه لبعض الأسماء التي يتخوف من نتيجة تصويتها، والشأن نفسه ينطبق على الأسماء المحايدة في الصراع بين المتنافسين على المنصب السياسي؛ ما أدى إلى حدوث فوضى في الندوة التحضيرية التي منعت فيها القيادة الحالية إدخال الهواتف مخافة توثيق الخلافات.
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، قال إن “احتدام الصراع الداخلي في الجبهة الانفصالية بين العناصر القيادية الرئيسية يأتي في سياق حالة الشغور والضعف في زعامة البوليساريو، منذ افتضاح تهريب زعيمها للعلاج في إسبانيا والتداول الإعلامي للمتابعات القضائية له بسبب ماضيه الإجرامي”.
وأضاف سالم عبد الفتاح أن “ما يعمق أزمة ضعف الزعامة في المشروع الانفصالي هو غياب البديل المناسب، بسبب احتراق صورة معظم العناصر القيادية التي باتت موضوع متابعات جنائية هي الأخرى بموجب تهم ثقيلة تشمل القتل خارج القانون (الاختطافات، التعذيب والاغتصاب)، فضلا عن افتضاح فسادها المرتبط باغتنائها المشبوه وتورطها في النهب الممنهج للمساعدات الإنسانية المخصصة لقاطني مخيمات تندوف”.
وذكر المتحدث بأنه “في ظل حالة الإفلاس والفشل السياسي الذريع التي يتخبط فيها المشروع الانفصالي مع توالي النكسات والهزائم السياسية والدبلوماسية والميدانية، خاصة مع انكشاف زيف الدعاية الحربية وحالة الحسم الميداني والدبلوماسي التي يحققها المغرب، باتت قدرة البوليساريو على التعبئة والتأطير في مخيمات تندوف منعدمة”.
واستطرد: “ذلك ما حذا بالقائمين على الجبهة الانفصالية إلى اللجوء إلى العصبيات القبلية لأجل التحكم في التوازنات الاجتماعية بمخيمات تندوف، حيث تلجأ العناصر القيادية إلى توظيف النعرات والتحشيد القبلي لأجل التنافس على المواقع القيادية في مؤتمرها العام”.
وذكر الفاعل الحقوقي المتتبع لأوضاع الجبهة الانفصالية أن هذه المتغيرات هي التي “ركزت التنافس بين العناصر القيادية في الجبهة الانفصالية على المناصب والمواقع المدرة للتربح والاغتناء؛ من قبيل تلك المتعلقة بتدبير مخازن السلاح والغذاء والأدوية، حيث يتم توظيف تلك المواقع لأجل الاغتناء والتربح ضمن خطوط الإمداد الخاصة بالجماعات المسلحة المنتشرة بدول الساحل، والتي تتكفل بتسويق المواد المنهوبة في بعض المناطق التي تسيطر عليها”.
وتابع شارحا بأن “العناصر القيادية الانفصالية تعكف على توفير الحماية لمجموعات عصابات الجريمة المنظمة التي تأخذ هي الأخرى طابعا قبليا، والتي تنشط في مجالات التهريب وتجارة السلاح والمخدرات، وكذا العديد من الأنشطة غير القانونية الأخرى في تواطؤ مع بعض المسؤولين بالجيش الجزائري بتندوف”.
ولفت سالم عبد الفتاح إلى أن مرامي هذه الأنشطة تتمثل في “توفير الصناديق السوداء والمساهمة في تمويل حملات التعبئة والتحشيد التي تعكف عليها قيادات الجبهة الانفصالية قبيل مؤتمرها العام”، مؤكدا أن “الكلمة الأولى والأخيرة في ترجيح كفة القيادات الانفصالية المتصارعة تبقى حكرا على الأجهزة الأمنية والعسكرية الجزائرية”.
وخلص رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان في هذا الصدد إلى أن عملية الحسم في ميزان القوة داخل جبهة البوليساريو يتأثر أيضا بـ”وضع صراع الأجنحة داخل النظام الجزائري، حيث تتوزع ارتباطات العناصر القيادية في الجبهة الانفصالية بمختلف الأجهزة الأمنية الجزائرية”.