زاوية الرأي

هشام جيراندو .. عرّاب النازية الجديد

يبدو أن الرحالة هشام جيراندو و المتواجد حاليا بالديار الإندونيسية بعدما ضاقت به كندا ذرعا جراء توالي ملاحقاته القضائية، لا يزال يعيش في ضلاله القديم و أن بإمكانه اللعب على أعلى مستوى لدرجة الإساءة الفاضحة لمقدسات دينية و إنسانية عبر منشور مستفز يظهر فيه الزعيم النازي، أدولف هتلر، مصحوبا بتعليق ساخر “واش هاذ خونا غير جا و دارهم في الفران؟” حيث يعكس ذلك تحريضا سافرا على معاداة السامية، ويظهر استخفافا غير مبرر بمآسي التاريخ وجرائم الإبادة التي ارتكبها النظام النازي.

زلّة جيراندو الجديدة لم تأت في معزل عن سجله الحافل بالسقطات المتكررة التي لازمته أينما حل و ارتحل، فتاريخه “الافتراضي” يشهد على سلسلة من الخرجات و الاعترافات التي تثير الجدل وتفتح أبوابا واسعة للنقد، حيث لم يتورع هذا الزنديق سابقا عن المساس بالمؤسسة الملكية المغربية و التطاول على شخص الملك، إذ كانت تصريحاته التي لا تخلو من التجريح والتهكم، بمثابة تحد علني لرمز السيادة الوطنية، ما فجر موجة من الاستنكار بين صفوف الشعب والطبقات السياسية. في وقت كان جيراندو حينها مزهوا باعتقاده أنه يمثل حالة استثنائية تمكنت من التمرد على الثوابت و استطاعت تجاوز الخطوط  الحمراء المسكوت عنها.

و بالرغم من أنه حاول يائسا التظاهر أنه عاد لرشده و أنه يعيش حالة من الندم العميق ظانا أن الكلمات التي رمى بها الملك ستتلاشى مع الزمن، لكن الإنترنت، تلك الذاكرة الأبدية التي لا تنسى، سجلت كل كلمة وكل تعبير جعلاه الآن في مواجهة مع نفسه، إذ لا يستطيع الهروب من الأرشيف الرقمي الذي يفضح كل تحركاته وتناقضاته، مراوغا تارة بإنكاره التفوه بتلك الإساءات، و ادعاءه تارة أخرى البراءة مما صدر عنه، إلا أن الأدلة الحاضرة في كل مكان و حيز على الشبكة العالمية أظهرت عكس ذلك.

و على ما يبدو فإن جيراندو قد تأثر بشكل ملحوظ بأسلوب سليمان الريسوني، الذي كان من أوائل المبادرين إلى تبني مواقف معادية للسامية. إذ انعكس هذا التأثير في مواقفه وأسلوب كتاباته، مما يجعله يسير على نهج مشابه في طرح قضايا مماثلة بأسلوب يثير به الجدل و الدليل على ذلك مقالات الريسوني المنشورة على منصة جيراندو المسماة “تحدي”

و بالعودة لمنشوره الأخير فإن جيراندو و بتبنيه خطاب الكراهية ذاك، عليه أن يعلم أنه لا يدخل ضمن حرية التعبير، والإشارة إلى هتلر لا تعد أمرا مثيرا للسخرية أو الضحك، بل ما فعله يكشف فقط عن وجهه الحقيقي.. الرجل ليس نضاليا ولا محاربا ضد الفساد، بل هو مجرد مروج للفوضى والاضطراب و الفتن على المواقع الاجتماعية، يخلط بين المرض النفسي والشهرة الزائفة، يبيع نفسه بتدوينات غير مسؤولة، ويغير جلده بحسب المواقف والتعليقات، معتقدا أنه في الغرب الذي يتبجح به و بحمل جواز سفره و الذي يعادي بشكل قاطع من يعمل على معاداة السامية، سيتحملون مثل هذه التصرفات المهينة و السخيفة.

جيراندو لا يعلم خطورة الجريمة التي ارتكبها و التي تهدد النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي في العديد من الدول، الشيء الذي حذا بالعديد من الحكومات والمنظمات الدولية لاتخاذ إجراءات صارمة لمعاقبة هذه الظاهرة حيث يمكن أن تتراوح بين الغرامات المالية والسجن لفترات طويلة، وقد تصل في بعض الحالات إلى سحب الجنسية أو الترحيل.

إن ما ارتكبه هشام جيراندو حين نشر ذلك الصنف من المحتوى دونما حذر أو ضمير، سيعود عليه بلا شك بما هو أشد وقعا، إذ إن معاداته السامية التي وثقها حسابه الرسمي على إنستغرام ليست مجرد إساءة عابرة، بل هي جرعة سامة قد تودي به إلى أفق مظلم من العواقب القانونية والاجتماعية التي لا مفر منها. فقد فتح لنفسه بابا موصدا، خلفه واقع مرير من القوانين الصارمة و الاجراءات الزاجرة التي لا تعرف هوادة في مواجهة الفكر المحموم الذي يزرع الكراهية و يحرض ضد اليهود.

لمعرفة المزيد حول حياة النصاب هشام جيراندو :

مشاهدة المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى