كاريكاتير

في دولة الخرف السياسي الترشح لعضوية مجموعة البريكس يدحض أسطورة “الجزائر قوة ضاربة”

الخرف السياسي هي مرحلة قد يبلغها الساسة كأفراد أو حتى دول بعينها بعدما تستهلك رصيدها في تدبير الشأن المحلي للبلاد، إما لفرط فسادها أو افتقادها للحنكة السياسية والآليات اللازمة المطلوبة للسير قدما بالبلاد نظاما وشعب. والجارة الجزائر التي جار عليها الزمان بحكام أقل ما يقال عنهم بؤساء فاقدين للشرعية الشعبية، يشكلون مند الأزل، تكتلا منيعا فيما بينهم اختلط فيه السياسي بالعسكري فصارت البلاد تُقَاُد برأسين والمواطن الجزائري البسيط يتخبط في ظل هذا الوضع.

فحتى التوجهات الاقتصادية الكبرى التي يتبناها نظام عبد المجيد تبون إنما قوامها “المنافسة الغير شريفة” ومنطق تضييق الخناق على “المروك” الجار العدو الكلاسيكي، ومحاولة ولوج مجموعة البريكس الاقتصادية لم يكن حبا في الانضمام إلى نادي كبار اقتصادات العالم أو حتى تنويع اقتصاد الجزائر بوضعه على الخارطة الدولية. بل على العكس من ذلك، النظام الجزائر دخل في منافسة شرسة ووهمية مع المغرب الذي لم يقدم أساسا أي ترشح رسمي للانضمام للمجموعة المذكورة. ومن هنا انطلقت سلسلة من الملاسنات  و” ضريب المعاني” على المملكة واقتصادها عبر أبواق قصر المرادية.

وبالنظر إلى حجم ووزن دولة الجزائر على الخارطة الدولية وما قد يمنحها ذلك من حظوظ للانضمام بأريحية لمجموعة البريكس، فقد جمع عبد المجيد تبون رجال إعلامه المأجور ذات ندوة صحافية، وانخرط في موجة كذب وتزوير للمؤشرات الاقتصادية الراهنة حتى يثبت للمنتظم الدولي “صْحَة” أن الجزائر تستوفي كل الشروط لمجابهة اقتصاد الصين والهند والسعودية أو حتى الإمارات على سبيل الحلم.

صحيح أن بلاد الكراغلة حباها الله بخيرات وفيرة وثروات طبيعية على غرار الغاز والبترول، إنما تدويرها في الخفاء وتصدير عائداتها نحو البنوك الأجنبية جعل الجزائر تتذيل أسفل الترتيب في العديد من مظاهر التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وسياسة شراء الذمم الجاري بها العمل داخل قصر المرادية لم تُأْتِي أكلها هذه المرة مع منظمة البريكس التي أحرجت عبد المجيد تبون وقذفت ال1.5 مليار دولار  في وجهه كمساهمة كان يستعد لضخها في حساب بنك المجموعة، لاسيما وأن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كان واضحا بشأن المعايير المعتمدة لقبول ترشيحات الدول، ومن أبرزها  وزن وهيبة الدولة ومواقفها على الساحة الدولية، كون المنظمة حريصة على ضم دول ذات أفكار مشتركة و تؤيد تعددية الأقطاب، وضرورة جعل العلاقات الدولية أكثر ديمقراطية وعدالة، وزيادة دور جنوب العالم في آليات الحوكمة العالمية، وهي الشروط التي لا تتوفر في بلاد العساكر العاجزين أمام فك أزمة العدس والفاصوليا وندرة باقي المواد الغذائية، فما بالك بمجابهة فطاحلة الاقتصاد العالمي داخل هكذا تجمعات اقتصادية. وعليه نقول لحكام الجزائر ما هكذا تُدَارُ الأزمات ولا هكذا تُكْتَسَبُ “القوة الضاربة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى